رأسا بخلاف سائر المجازات فليس الاعتماد في التخصيص بمحض أنه جمع بين الدليلين كما ظنه بعض المحققين لامكان ذلك بابقاء العام على حقيقته وتأويل الخاص بمجاز اخر فالاعتماد هنا أيضا على المرجح فمع وجود المرجح في أحد الطرفين وموافقته لمحاورات أهل اللسان من مراعاة شرايط المجاز لا يجوز التجوز في الطرف الآخر فيرجع مأل الكلام جملة إلى ما يترجح في النظر ويحصل به الظن من الامارتين بعد ملاحظة قواعد اللفظ وفهم المعاني فهذا أيضا يرجع إلى ملاحظة التراجيح وبعد العجز عنه يرجع إلى التخيير أو التوقف فالتخصيص والتقييد وأمثالهما أيضا في الحقيقة يرجع إلى الاثبات و الاسقاط الا ان في ذلك اثبات البعض واسقاط البعض وفيما لا يمكن الجمع اسقاط الكل واثبات الكل مع أن القول بان التخصيص فيما نحن فيه عمل الدليلين مشكل بل هو إلقاء أحدهما واعمال الاخر فان التخالف انما هو في بعض مدلول العام ونفس الخاص ولا ريب ان مع العمل بالخاص يلغي ذلك البعض وان لوحظ مجموع مدلول اللفظ في الجانبين فلا يخفى ان المفهوم أيضا ليس تمام مدلول اللفظ بل بعضه كما أشار إليه بعض الاعلام فلا مناص عن ملاحظة المرجحات في الكل أعني في العمل بالدليلين معا في الجملة وفي طرح أحدهما ويشهد به اطلاق الأخبار الواردة في علاج الاخبار المختلفة وسيجئ تمام الكلام في اخر الكتاب انشاء الله تعالى وفذلكة المقام في ضابطة الجمع والترجيح ان التخالف الحاصل بين الدليلين سبب لان يكون العمل بأحدهما تركا لظاهر الاخر وحقيقته أو تركا لظاهرهما معا ومع ترك الظاهر اما يحصل قرينة على إرادة خلاف الظاهر من نفس المتعارضين أو الخارج فبذلك يندرج في الدلالة المجازية المتعارفة ويكون هذا أيضا مع القرينة من جملة الظواهر أو لا تحصل ومع ذلك فاما يمكن تأويل هناك بمعنى احتمال ينزل عليه المخالف ولو لم يكن ظاهرا أو لا يمكن فحينئذ نقول إن أراد القوم من قولهم الجمع مهما أمكن أولى من الطرح انه لا يجوز رد كلام الشارع ولو بحمله على محتمل صحيح يناسب سائر كلماته وان كان بعيدا ولم نجعله حكما شرعيا دفعا للزوم التناقض كما فعله الشيخ رحمه الله في التهذيب لغرض دعاه إلى ذلك في كلامهم بمعنى الواجب كما في قوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض وان أرادوا انه يجب تنزيل المتخالفين على احتمالين بحيث لا يوجب طرحهما ويكون بذلك مستندا شرعيا و دليلا في جميع الموارد حتى في معنى مجازي لم يظهر له قرينة في نفس المتعارضين ولا في الخارج بل لمحض احتمال عقلي لرفع التناقض فلا دليل على جواز ذلك فضلا عن وجوبه وجعله مستندا
(٣٠٧)