يستلزم مجازا واحدا في الضمير بخلاف الأول فإن مجازية العام يستلزم مجازية الضمير أيضا فيتعدد المجاز وقد يجاب عن ذلك بأنه مبني على كون وضع الضمير لما كان المرجع ظاهرا فيه حقيقة له لكن الحق أن حقيقة فيما هو مراد من المرجع ولو كان معنى مجازيا وفيه أن الضمير وإن كان حقيقة في المراد لكن ظاهر اللفظ كاشف عن المراد فهو المعيار فالمعتبر فيه هو ظاهر اللفظ إذا عرفت هذا فالأظهر عندي هو القول الأوسط وبيانه يتوقف على ذكر فائدتين الأولى أن في معنى كون الأصل في الضمير المطابقة للمرجع وكون وضع الضمير في الأصل لما هو ظاهر فيه حقيقة له أو المراد منه غموضا وذلك لان وضع الضمائر قد عرفت أنه من قبيل الوضع العام وإن الموضوع له فيها كل واحد من خصوصيات الافراد لكن بوضع واحد إجمالي وبذلك يمتاز عن المشترك كما أشرنا إليه في أول الكتاب وعلى هذا فضمير المفرد المذكر الغائب مثلا إذا استعمل في كل واحد من أفراد المفرد المذكر الغائب يكون حقيقة وكذلك اسم الإشارة مثل هذا لكنها تحتاج في إفادة المعاني إلى القرينة نظير استعمال النكرة في الفرد المعين عند المتكلم الغير المعين عند المخاطب فلا دخل لحقيقة المرجع ومجازه في وضع الضمير بهذا المعنى نعم لما كان المعتبر في وضع ضمير الغائب مثلا معهودية المرجع بين المتكلم والمخاطب ولو بمقتضى الحال والمقام فلا بد أن يستعمل ضمير الغائب في المفرد المذكر الغائب المعهود والعهد إن كان باللفظ الذي أريد به المعنى الحقيقي أو كان بغير اللفظ كمقتضى المقام أو بلفظ مجازي مقرون بالقرينة فلا إشكال في تحقق الوضع الأصلي ووروده على مقتضاه حينئذ وأما إذا كان المرجع لفظا له حقيقة وأريد به المعنى المجازي فلما كان مقتضى أصل الحقيقة حمل اللفظ إلى معناه الحقيقي فيقتضي ذلك الأصل أن المراد من ذلك اللفظ هو ما كان ظاهرا فيه ويحصل العهد بينهما بدلالة الظاهر فإذا دلت القرينة على إرادة خلاف الظاهر منه بعد ذكر الضمير فيكشف عن عدم معهودية المرجع وذلك يستلزم استعمال الضمير في غير ما وضع له وهذا هو معنى مجازية الضمير اللازمة على تقدير تخصيص العام وبما ذكرنا تقدر على فهم المجازية في سائر أنواع الاستخدام الذي يحصل بغير إرادة بعض أفراد الموضوع له من سائر العلائق والحاصل أن مقتضى وضع الضمير الغائب رجوعه إلى متقدم معهود مفهوم بينهما بالدلالة الحقيقية أو الحاصلة بالقرينة وإذا ظهر بعد ذكر الضمير خلاف مقتضى العهد والدلالة ظهر كونه مجازا الثانية إنك قد عرفت سابقا أن التشاغل بالكلام مع احتمال عروض ما يخرجه عن الظاهر من اللواحق وبقاء مجال إلحاق اللواحق لا يخرج اللفظ الظاهر في معنى مثل
(٣٠١)