بضميمة سائر الأدلة قائم مقام اليقين كما هو متفق عليه عندهم مع أن شغل الذمة بأزيد من ذلك لم يثبت من الأدلة وأصل البراءة السابق لم ينقطع إلا بمقدار ما ثبت إشغال الذمة به وما ثبت علينا من الأدلة وسلمناه هو اشتغال ذمتنا بما يظهر علينا من الظنون الاجتهادية ثبوته وقد يتمسك في إثبات ماهية العبادات بطريق أخر وهو أن يرجع إلى اصطلاح المتشرعة ويقال المتبادر في اصطلاحهم هو هذا فهو مطلوب الشارع أما على القول بثبوت الحقيقة الشرعية فظاهر وأما على القول بالعدم فمع القرينة الصارفة عن اللغوي يحمل عليه لكونه أقرب مجازاته وأشيعها لكن يشكل ذلك على القول بكون ألفاظ العبادات أسامي للصحيحة الجامعة لشرائط الصحة مطلقا وعلى القول بكونها اسما للأعم من الصحيحة لو كان الاشكال و التشكيك في الاجزاء وأما لو كان الاشكال في ثبوت شرط لها فيصير مثل المعاملات في جواز الاكتفاء بما يفهم منه عرفا وينفي الشرط المحتمل بالأصل وإنما قلنا أنه لو كان الحيرة والاشكال في الاجزاء فلا يتم هذا الطريق على القول بكونها أسامي للأعم فلان غاية ما يتبادر من الصلاة مثلا هو ذات الركوع و السجود فيخرج صلاة الميت وكذلك يمكن عندهم سلب اسم الصلاة عن صلاة وقع فيها فعل كثير بمحو صورة الصلاة ولا يثبت بهما ماهية الصلاة بتمامها كما لا يخفى وفيه نظر من وجوه أما أولا فلان دعوى الحقيقة الشرعية وثبوت الحقيقة المتشرعة إنما هو في المعنى المحدث الذي أبدعه الشارع في مقابل المعنى اللغوي ويكفي في تصور إرادة ذلك المعنى دون المعنى اللغوي أو معنى أخر التصور في الجملة فلا يلزم في ذلك تصوره بالكنه وبجميع الاجزاء والشرائط وما ذكره من الرجوع إلى عرف المشترعة والشارع إنما يناسب تمايز المعاني بوجه ما لا من جميع الوجه بحيث يكون تصور الكنه شرطا في كونه مرادا من اللفظ فالتفصيل المذكور لا دخل له في إثبات ما هو بصدده وأما ثانيا فمنقول إذا بنينا بيان المهية بالرجوع إلى مصطلح المتشرعة أو الشارع فنقول هيهنا مقامان من الكلام الأول بيان تلك المهية المخترعة وتميزها من بين ما هي منه صنفه من المخترعات مثل أن يقال المعنى المخترع الذي نقل الشارع اسم الصلاة إليه هل هو ذات الركوع والسجود أو المشروط بالقبلة والقيام فنرجع إلى عرف المتشرعة ونثبت به مراد الشارع والثاني أن بعد بيان أن المراد أيهما قد يقع الاشكال في كون بعض ما يحتمل كونه فردا للموضوع له فردا له مثل إنا نعلم أن ذات الركوع والسجود هو معنى الصلاة لكن نشك في أن الصلاة المذكورة إذا كانت بحيث وقع في بينها فعل كثير غاية الكثرة هل هو فرد حقيقي لها أم لا نظير ما تقدم في ماء السيل في مسألة عدم صحة السلب والذي يناسب ما نحن فيه هو المقام الثاني
(٥٨)