مجرد التوضيح بل نقل عن الأخفش وجماعة من أئمة العرب أن وضع الصفة للتوضيح فقد لا للتقييد وإن مجيئها للتقييد خلاف الوضع غاية الامر تعارض ذلك مع ما نقل من فهم أبي عبيدة وظهور خلافه في افهامنا أيضا فيتساقطان فيبقى عدم الدلالة على المدعى وأما الجواب عن الثاني فيظهر مما ذكرنا من المعارضة مع أن فهمه لعله كان عن اجتهاده في اللغة وكلام اللغويين واحتج النافون بأنه لو دل لدل بإحدى الثلاث وكلها منتفية اما المطابقة والتضمن فظاهر وإلا لكان منطوقا واما الالتزام فلعدم اللزوم الذهني لا عقلا ولا عرفا ولي في المسألة التوقف وإن كان الظاهر في النظر أنه لا يخلو عن إشعار كما هو المشهور إذ التعليق بالوصف مشعر بالعلية لكن لا بحيث يعتمد عليه في الاحتجاج إلا أن ينضم إليه قرينة كما في صحيحة الفضيل المتقدمة ومن هذا القبيل القيود الاحترازية في الحدود والرسوم وأما مثل قوله تعالى أعتق رقبة مؤمنة فدلالته على عدم كفاية عتق الكافر ليس من جهة مفهوم الوصف كما توهم ولا من جهة مجرد الاجماع عليه كما نقله العلامة رحمه الله في النهاية بل لان اتحاد الموجب المطلق والمقيد مع كون التكليف شيئا واحدا يوجب العمل على المقيد لان العمل على المطلق ترك للمقيد بخلاف العكس وبالجملة القيد مطلوب فمع تركه لا يحصل الامتثال فعدم الامتثال بعتق الكافرة إنما هو لعدم صدق الامتثال بالمؤمنة التي ورد الخطاب بها مع كون المطلوب رقبة واحدة ثم أن هيهنا فوائد الأولى أنهم ذكروا أن حجية مفهوم الشرط والوصف ونحوهما إنما هو إذا لم يكن على طبق الغالب مثل وربائبكم اللاتي في حجوركم ولا يحضرني منهم كلام في بيان ذلك وعندي أن وجهه أن النادر إنما هو المحتاج حكمه إلى التنبيه والافراد الشايعة تحضر في الأذهان عند إطلاق اللفظ المعرى فلو حصل احتياج في الانفهام من اللفظ فإنما يحصل في النادر فالنكتة في الذكر لا بد أن يكون شيئا آخر لا تخصيص الحكم بالغالب وهو فيما نحن فيه التشبيه بالولد ومما بينا ظهر السر في عدم إطراد الحكم فيما إذا ورد مورد الغالب في غير باب المفاهيم أيضا ألا ترى أنا لا نجوز التيمم لواجد الماء لمن منعه زحام الجمعة أن الخروج مع أن الشارع أطلق الحكم بالتيمم لمن منعه زحام الجمعة عن الخروج وأيضا قالوا باشتراط عدم كون المخالف أولى بالحكم مثل ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق و النكتة فيه التنبيه على خطأهم في العلة والحجة ويمكن إرجاعه إلى القسم الأول وبالجملة المعتبر في دلالة اللفظ على المعنى الحقيقي هو عدم القرينة الظاهرة على إرادة الخلاف فكلما ظهر قرينة على إرادة غيره فنحملها عليه لا لان الحجية إنما هو إذا لم يظهر للقيد فائدة أخرى كما هو مقتضى الدلالة العقلية بل لثبوت القرينة على الخلاف كما هو مقتضى الدلالة اللفظية الثانية قد توهم بعضهم
(١٨١)