أمرهم به، أو غيرهم. فان كان الأول، جاز أن يستحقوا الذم بترك الركوع، والويل بواسطة التكذيب، فان الكفار عندنا معاقبون على الفروع كعقابهم على الأصول، وإن كانوا غيرهم لم يكن اثبات الويل لقوم بسبب تكذيبهم منافيا لذم قوم بتركهم ما أمروا به.
وعن الثاني: بأنه تعالى رتب الذم على مجرد مخالفة الامر، فدل على أن الاعتبار به، لا بالقرينة.
احتج (1) القائلون بأنه (2) للندب بوجهين:
أحدهما: قوله صلى الله عليه وآله: " إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم (3) ". وجه الدلالة: أنه رد الاتيان بالمأمور به إلى مشيتنا، وهو معنى الندب.
وأجيب (4) بالمنع من رده إلى مشيتنا، وإنما رده إلى استطاعتنا، وهو معنى الوجوب.
وثانيهما (5): أن أهل اللغة قالوا: لا فارق بين السؤال والامر إلا بالرتبة، فان رتبة (6) الآمر أعلى من رتبة السائل، والسؤال إنما يدل على الندب، فكذلك الامر، إذ لو دل الامر على الايجاب لكان بينهما فرق آخر. وهو خلاف ما نقلوه.
وأجيب: أن القائل بكون الامر للايجاب، يقول: إن (7) السؤال يدل عليه أيضا، لان صيغة " إفعل " عنده موضوعة لطلب الفعل مع المنع من الترك، وقد استعملها السائل فيه. لكنه لا يلزم منه الوجوب، إذ الوجوب إنما يثبت بالشرع، ولذلك لا يلزم المسؤول القبول. وفيه نظر.
والتحقيق: أن (8) النقل المذكور عن أهل اللغة غير ثابت، بل صرح بعضهم