كان ممن عرف أنه لا يروي إلا عن ثقة، قبلت مطلقا، وإن لم يكن كذلك قبلت بشرط أن لا يكون لها معارض من المسانيد الصحيحة.
واحتج لذلك بأن الطائفة عملت بالمراسيل (1) عند سلامتها عن المعارض كما عملت بالمسانيد، فمن أجاز (2) أحدهما أجاز الآخر.
هذه عبارة المحقق بلفظها. وهي تدل على توقفه في الحكم حيث اقتصر على نقله عن الشيخ بحجته من غير إشعار بالقبول (3) والرد.
لنا: أن من شرط القبول: معرفة عدالة الراوي كما تقدم بيانه وهي منتفية في موضع النزاع. إذ لم يوجد ما يصلح للدلالة عليها سوى رواية العدل عنه. وهو غير مفيد لأنا نعلم بالعيان أن العدل يروي عن مثله وغيره، ومع فرض اقتصاره على الرواية عن العدل، فهو إنما يروي عمن يعتقد عدالته. وذلك غير كاف، لجواز أن يكون له جارح لا يعلمه (4)، كما ذكرناه آنفا، وبدون تعيينه لا يندفع هذا الاحتمال فلا يتوجه القبول.
ومن هذا يظهر ضعف ما ذهب إليه العلامة في النهاية: من قبول نحو مراسيل ابن أبي عمير مما عرف أن الراوي فيه (5) لا يرسل إلا مع عدالة الواسطة، لان العلم بعدالة الواسطة (6) إن كان مستند ا إلى إخبار الراوي بأنه لا يرسل إلا عن الثقة فهو عمل بشهادته على مجهول العين وقد علم حاله، وإن كان مستنده الاستقراء لمراسيله (7) والاطلاع من خارج على أن المحذوف فيها لا يكون إلا ثقة فهذا في معنى الاسناد، ولا نزاع فيه.
والعجب: أن العلامة رحمه الله ذكر في الاحتجاج على مختاره في النهاية ما هذا نصه (8):
" عدالة الأصل مجهولة، لان عينه غير معلومة، فصفته (9) أولى بالجهالة، ولم يوجد إلا