بالانسانية، مع أن خطابهما بنحو ذلك ممتنع قطعا. فالمعدوم أجدر أن يمتنع.
احتجوا بوجهين: أحدهما: أنه لو لم يكن الرسول، صلى الله عليه وآله (1)، مخاطبا لمن بعده، لم يك مرسلا إليه. واللازم منتف. بيان الملازمة: أنه لا معنى لارساله إلا أن يقال له: " بلغ أحكامي ". ولا تبليغ إلا بهذه العمومات، وقد فرض انتفاء عمومها بالنسبة إليه. واما انتفاء اللازم فبالاجماع.
والثاني: أن العلماء لم يزالوا يحتجون على أهل الاعصار ممن بعد (2) الصحابة، في المسائل الشرعية، بالآيات والاخبار المنقولة عن النبي، صلى الله عليه وآله، و ذلك إجماع منهم على العموم لهم.
والجواب: أما عن الوجه الأول: فبالمنع من أنه لا تبليغ إلا بهذه (3) العمومات التي هي خطاب المشافهة، إذ التبليغ لا يتعين فيه المشافهة، بل يكفي حصوله للبعض شفاها، وللباقين بنصب الدلائل والامارات على أن حكمهم حكم الذين شافههم.
وأما عن الثاني: فبأنه لا يتعين أن يكون احتجاجهم لتناول الخطاب بصيغته لهم، بل يجوز أن يكون ذلك لعلمهم بأن حكمهم (4) ثابت عليهم بدليل آخر.
وهذا مما لا نزاع فيه، إذ كوننا مكلفين بما كلفوا به معلوم بالضرورة من الدين.