عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٦٢
فذلك تعبد من الله تعالى ابتداء وليس يجب إذا امر بفعل تعبد به موسى ان يكون النبي (ع) متعبدا بشريعته لأنه لا فضل بين أن يتعبده بذلك الفعل بأن يذكره وبين صفته وبين أن يلزمه ويضيقه إلى موسى (ع) لان في الحالين جميعا هو تعالى المتعبد به واما من قال انه (ع) كان متعبدا بشريعة موسى وقال انه لا يصح أن يعرف الشريعة من جهته فقد ناقض لان التعبد بشريعة يقتضى صحة العلم بها من جهته واما من قال انه تعبد بأشياء من شريعته بأمر مبتدء أو امر أن يرجع في معرفة ذلك إليهم فالذي يدل على بطلان قوله ما قدمناه من الأدلة وان كان هذا الوجه لا يقتضى كونه متعبدا بشريعتهم إذا امر بذلك امرا مبتدء لو صح ما ادعوه فكيف وذلك لا يصح واعلم ثم انه لولا ما قدمناه من الدليل على كونه أفضل الأنبياء (ع) ما كا يمتنع غدا أن يتعبد بشريعة من تقدم من الأنبياء لأنه كما يجوز أن يتعبد بخلاف شريعتهم جاز أيضا أن يتعبد بمثل شريعتهم لان المصالح تختلف وتتفق وكلا الامرين يجوز فيها فلا يمتنع ان يعلم الله تعالى ان صلاح النبي الثاني وصلاح أمته بخلاف شريعة الأول فيتعبده به وعلى هذه جرت سنة الله تعالى في أكثر الأنبياء ولا يمتنع أيضا ان يعلم صلاح الثاني وأمته في مثل شريعة الأول فيتعبدوا بها وليس لاحد أن يقول ذلك لا يجوز لأنه لو كان كذلك لم يكن في بعثة النبي (ع) الثاني واظهار المعجز على يديه فايدة لان شريعته معلومة من جهة غيره وذلك انما يجوز بعثة النبي الثاني بشريعة النبي الأول إذا كانت تلك الشريعة قد اندرست وصارت بحيث لا يعلم الا من جهة النبي الثاني أو بأن يكون النبي الأول مبعوثا إلى قوم بأعيانهم ويبعث الثاني إلى غيرهم أو أن يراد في شريعة الثاني زيادة لا يعلم الا من جهته فهذه الوجوه تخرج بعثته من أن تكون عبثا فان قيل كيف يجوز هذا التقدير على ان ما تعتقدون أنتم من ان كل شرع لابد له من حافظ معصوم لا يجوز عليه الغلط وإذا كان لابد له من ذلك على مذهبكم فمتى اندرست الشريعة أمكن الرجوع إليه فيها فلا يحتاج إلى نبي اخر قيل له نحن انما نوجب حافظا للشرع معصوما إذا علمنا ارتفاع الوحي وانقطاع النبوة ويعلم ان التواتر لا يمكن حفظ الشرع به لأنه يجوز أن يصير آحادا فإذا لابد لها من حافظ معصوم وليس كذلك في الشرايع المتقدمة لأنه لا يمتنع أن تكون تلك الشرايع محفوظة بالتواتر فمتى فرضنا انها صارت آحادا بحيث لا ينقطع عذر المكلفين بنقلها بعث الله تعالى نبيا اخر بينها (بينها) ويستدركها هذا إذا فرضنا بقاء التكليف بالشريعة الأولة على من يجيئ فبما بعد فاما إذا فرضنا انه يجوز أن يكون التكليف للشريعة الأولى إذا صارت آحادا قد ارتفع و وجب التمسك بما في العقل فإذا كان ذلك لا يجب أن يكون لها حافظ ولا بعثة نبي اخر وكان يجوز أيضا ان يتعبد باخبار الآحاد إذا صارت الشريعة إلى حد لا ينقل الا من جهة الخبر الواحد
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125