شك وقد علمت بالشرع المنع منه بذهاب غير معنى هذه اللفظة لان المراد بها ان نسخ لقران بالسنة من القبيل الذي شك في حاله هل يتعبد الله تعالى به أم لا وانه من قبيل ما لا يجوز ذلك فيه وهذا لا يصح الامتناع منه كما لا يصح للانسان أن يقول كان يجوز أن يتعبد الله تعالى بصلاة سادسة أولا وان علمنا بالسمع انه لم يتعبد الله تعالى بها وهذه جملة كافية في هذا الباب واما نسخ السنة بالكتاب فالظاهر من مذهب الشافعي المنع منه وهو الذي صرح به في رسالتيه جميعا وفي أصحابه من يضيف إليه جواز ذلك والأظهر من قوله الأول لكنه لما رأى هذه المسألة يضعف على النظر جعل قولا اخر على حسب ما يفعله كثير منهم واما الباقون من الفقهاء والمتكلمين فعلى ذلك وتعلق من منع من ذلك بأنه إذا لم يجز نسخ القرآن الا بقران لمساواته في الرتبة فكذلك لا ينسخ السنة بالكتاب لمثل ذلك ولأنه جعل (ع) مبنيا (مبينا) فلا يجوز أن ينسخ سنة القرآن لان في ذلك اخراجا له من أن يكون مبنيا (مبينا) بل يجب كون سنته مبينة للقران والذي يدل على ذلك انه قد ثبت ان القران أقرى (أقوى) في باب الدلالة من السنة على الاحكام فإذا كان أقوى منها جاز نسخها به كما جاز نسخها بالسنة التي هي دونها في القول ومن ذهب إلى المنع من جواز نسخ القران بالسنة وأجاز نسخ السنة بالقران يقول لم امنع من ذلك من حيث التساوي في باب الدلالة بل امتنعت من ذلك من الآيات التي دلت على المنع من ذلك والا كان ذلك جايزا وان كان بعضه أدون من بعض كما إذا كانا متساويين في باب الدلالة ومن ذهب إلى الجواز في موضعين كانت هذه الشبهة عنه ساقطة فان قالوا ان الله تعالى لو نسخ سنة نبيه (ع) باية ينزلها لامر نبيه أن يبين سنة ثانية فينسخ بها السنة الأولى لئلا يلتبس النسخ بالبيان قيل له ان الآية لا تخلو من أن تدل بظاهرها على نسخ السنة أو لا تدل بظاهرها على ذلك فان دل على ذلك فالنسخ بها يقع والسنة تكون مؤكدة وان لم تدل الا ببيان السنة جاز القول فان السنة ينسخ من حيث كانت بها يعلم نسخ السنة الأولى وإذا صح ذلك فما الذي يحوج (يحوج) إلى بيان ثانية والآية دالة بظاهرها على نسخ السنة الأولى وكيف يلتبس ذلك بالبيان ومن حق البيان أن يكون بيانا لما لا يعرف المراد به بظاهره والنسخ بالضد منه ومن حق الدليل أن لا يتأخر عن المبين والنسخ مخالف له واما قوله لتبين الناس ما نزل إليهم لا يمنع من أن ينسخ سنته بالقران قالوا ولأنه ليس في نسخها به اخراج لها من أن يكون قد بين ما أريد بها وانما يبنى على ان نظاير ما أريد بها قد زال حكمه في المستقبل ومما يبين جواز فسخ السنة بالقران وقوع ذلك وهو ان تأخير الصلاة عن أوقاتها في الخوف كان هو الواجب أولا ثم نسخ ذلك بالمنع من تأخيرها بقوله فإذا خفتم فرجالا أو ركابنا واما نسخ الكتاب بالكتاب قد وقع أيضا وقد قدمنا الأمثلة في ذلك ومن ذلك انه كان حد الزانية الامساك في البيوت حتى تموت بقوله واللاتي تأتين (يأتين) الفاحشة من نسائكم الآية وحد الرجال الايذاء ثم نسخ ذلك بقوله الزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة وذهب من خالفنا في ذلك إلى ان ذلك
(٤٩)