عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٥٦
ان ذلك واجب لدليل سمعي دل على ذلك فالواجب علينا أن نبين ان ما ادعوه دليلا أو تعلقوا به ليس فيه دلالة على حال لأنا لا ننكر أن يقوم على وجوب ذلك دليل لكن لم يثبت ذلك وقد استدل القوم على ذلك بأشياء منها قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن امره قالوا فحذرنا عن مخالفته و الامر يتناول الفعل كما يتناول القول لان الله تعالى قال يدبر الامر من السماوات إلى الأرض قال واليه يرجع الامر كله وقال وما امر فرعون برشيد وإذا ثبت ان الامر يتناول الفعل كما يتناول القول وجب أن تكون افعاله (ع) على الوجوب والا لم يجب التحذر عن مخالفتها والجواب عن ذلك ان الآية لا تدل على ما قالوه من وجوه أحدها ان لفظ الامر موضوع في الحقيقة للقول بدلالة ما قلناه (قدمناه خ ر) في أول الكتاب في باب الأوامر وإذا صح ذلك لم تتناول الآية الفعل وذلك يبطل التعلق بها وما تقدم من قوله لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا يدل على ان المراد بالآية القول دون الفعل وانه أراد ما ندبهم إليه وأمرهم به ومنها ما قيل ان الهاء في قوله عن امره يرجع إلى أقرب المذكورين وهو الله تعالى وإذا ثبت ذلك فحملها على الرسول ورجوعها إليه حتى يمكن الاستدلال بها لا يصح ولا يمكن ان يقال انها يرجع إليها لان الكناية عن واحد فكيف تحمل على الاثنين ومنها ان قوله فليحذر الذين يخالفون عن امره لا يمكن حمله على العموم ولابد من كون القول مرادا به وإذا وجب ذلك فلا يجوز أن يراد به الفعل فهذا انما يعتمده من ذهب إلى ان العبارة الواحدة لا يراد بها المعنيان المختلفان وقد بينا ان الصحيح خلاف ذلك فالمعتمد إذا ما قدمناه ويجرى مجرى ذلك أيضا ان يقال ان التحذير من مخالفة يقتضى وجوب الموافقة والموافقة له (ع) في الفعل تقتضي ان يفعل الفعل على الوجه الذي فعل ما قدمناه القول فيه وذلك يبطل كون افعاله كلها على الوجوب واستدلوا بقوله تعالى فاتبعوه فإنه أمرنا باتباعه وأمره تعالى على الوجوب فيجب كون اتباعه في افعاله واجبا فهذا يبطل ما قدمناه من تفسير الاتباع لأنا قد بينا ان المتبع له انما يكون متبعا إذا فعله على الوجه الذي فعله ومتى فعله على غير ذلك الوجه لا يكون متبعا بل يكون مخالفا ويجرى ذلك مجرى ان يفعل فعلا اخر لان اختلاف الوجهين في الفعل الواحد يجرى مجرى فعلين وقد قال قول في الجواب عن ذلك ان المتبع فيه محذوف ذكره لأنه لا يصح اتباعه في أشياء مختلفة وهذا ليس بصحيح لان لقايل أن يقول ان الظاهر يقتضى وجوب اتباعه في كلما يصح ان يتبع فيه واستدلوا أيضا بقوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة وانه إذا جعله أسوة لزمنا التأسي به سيما وقد قال في سياق الآية لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وهذا تهديد لمن ترك التأسي وهذا أيضا يسقط بما قدمناه من معنى التأسي وقوله لمن كان يرجو الله واليوم الاخر ليس بتهديد ولا وعيد لان الرجاء انما يكون في المنافع فكأنه قال تعالى لمن كان يرجو أثواب الله والثواب قد يستحق بالندب
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125