عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٣٣
من الاياب (الآيات) التي ظهرت على يده ودل على وجه الاعجاز منها ثبت نبوته (ع) وإذا ثبت نبوته بطل قول من منع من النسخ سمعا وقول من انكر نبوته (ع) وإذا جاز ذلك عقلا وسمعا وكذلك يبطل بصحة نبوته (ع) قول من منع من النسخ عقلا غير انا نبين انما يدعونه من الشبهة العقلية باطل ليعلم بذلك ان الذي تعلقوا به غير صحيح وانه لو لم يثبت نبوة نبينا (ع) ولا نبوة أحد من الأنبياء عليهم السلام لكان ما ذكرناه جايزا سايغا وليس هذا موضع الكلام في النبوة وكنا ندل عليه وهو مذكور في كتب الأصول مستقصا والذي يدل على جواز النسخ من جهة العقل هو انه ثبت ان العبادات الشرعيات تابعة للمصالح و لكونها ألطافا في الواجبات العقلية ولولا ذلك لما وجبت على حال وانما قلنا ذلك لان الشئ لا يجب بايجاب موجب وانما يجب لصفة هو عليها يقتضى وجوب الشئ وانما يدل ايجاب الحكيم له على ان له صفة الوجوب لا بل يصير واجبا بايجابه لان ايجاب ما ليس له صفة الوجوب يجرى في القبح مجرى ايجاب الظلم والقبيح أو اباحتهما وقد علم قبح ذلك وإذا ثبت هذه الجملة فلا يخلو وجوب هذه العبادات ان يكون عقليا أو ما يدعيه من كونها مصالح وألطافا فلو كان وجه وجوبها عقليا لوجب أن يعلم بالعقل وجوب هذه العبادات كما علم وجوب جميع الواجبات العقلية من وجوب شكر المنعم ورد الوديعة وقضاء الدين والانصاف وغير ذلك لما كان وجه وجوب هذه الأشياء بيانا في العقل وقد علمنا انا لا نعلم بالعقل وجوب الصلاة ولا الزكاة ولا الصوم ولا غير ذلك من العبادات التي جاءت الشرايع بها بل لا يحسن فعلها بالعقل وإذا بطل أن يكون وجه وجوبها عقلا ثبت انها انما تجب لكونها ألطافا ومصالح وإذا ثبت ذلك فلا يمتنع ان تتغير المصالح فيصير ما كان داعيا إلى فعل الواجب صارفا عن فعله أو يصير داعيا إلى فعل القبيح وما يكون مصلحة لزيد لا تكون مصلحة لعمرو وما يكون مصلحة في وقت يصير مفسدة في وقت اخر وذلك يوجب النسخ والأقبح التكليف فان قيل ولم لا يجوز أن يكون وجه وجوب هذه العبادات هو ان لنا فيها ثوابا دون كونها ألطافا قيل له الشئ لا يجب من حيث كان فيه ثواب لأنه لو كان كذلك لكانت النوافل كلها واجبة ولم يكن فرق بينها وبين الواجبات فلابد من القول بما قلناه من انها انما وجب لكونها ألطافا وانما قلنا بذلك لان ما يقع عنده الواجب ولولاه لم يقع يجب كوجوبه لا محالة وقد ورد القران أيضا منبها على ما قلناه قال الله تعالى ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر فبين انها انما وجبت من حيث كانت صارفة عن فعل القبيح وقال في تحريم الخمر انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فبين ان وجه قبحها كونها صادة عن ذكر الله وموقعة للعداوة والبغضاء وذلك يبين صحة ما قلناه فإذا صح ما قلناه حسن من الله تعالى ان يأمر بالحسن امرا مطلقا فإذا تغير وجه الحسن فيه إلى وجه القبح نهى عنه وذلك هو النسخ الذي قلناه
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125