بعد هذا الفصل انشاء الله تعالى فاما زيادة الشرط في بعض العبادات فإنه لا يوجب النسخ إذا كان منفصلا من العبادة ويصح من دونه لأنه إذا كان كذلك صار في حكم عبادة أخرى ويفارق ذلك ما قلناه من الصلاة من ان زيادة ركعة فيها تقتضي النسخ لان الصلاة بعد الزيادة تصير مع المزيد في حكم الشئ الواحد فلم يكن ذلك موجبا للنسخ فإذا ثبب ما قدمناه فكذلك زيادة تصح دون المزيد عليه أو يصح المزيد عليه دونها فأحدهما لا يوجب نسخ الاخر كما ان زيادة صلاة على ما أوجب الله تعالى من الصلوات لا يقتضى نسخا لها فاما الكفارات الثلاث المخير فيها فمتى فرضنا ان الله تعالى زاد فيها رابعا فان ذلك يوجب نسخ الحريم ترك الثلاثة لأنه كان من قبل يحرم تركها اجمع والآن لا يحرم ولكن لا يقتضى ذلك نسخ الكفارات الثلاث لما قدمناه من انها لو فعلت على الحد الذي فعلت قبل العبادة بالرابعة لكانت واقعة موقعها فلم توجب ذلك نسخا فان قيل فما قولكم في الذي يذهبون إليه من وجوب الحكم بالشاهد واليمين يقتضى ذلك نسخ ما أوجب الله تعالى من الحكم بالشاهدين أو بشاهد وامرأتين فان قلتم ذلك قلتم بجواز نسخ القران بخبر الواحد وذلك خلاف مذهبكم بل هو خلاف الاجماع وان قلتم ان ذلك ليس بنسخ بينوا القول فيه قيل له ان ذلك ليس بنسخ لان القران إذا دل على ان الحكم بالشاهد الواحد لا يتم الا بأن يضاف إليه الثاني أو يضاف إليه امرأتان لا يمنع من قيام الدلالة على كون غيره شرطا فيه وقد اجتمعت الطائفة المحقة على جواز ذلك فكان ذلك موجبا للعلم وخرج من باب خبر الواحد الذي ذكره السائل واما تقييد الرقبة الواجبة في الظهار بالايمان فقد تقدم القول فيه واما من قال ان زيادة العشرين في حد القاذف نسخ له وان تقييد الرقبة بالايمان نسخ فهو موافق لمن انكر أن يكون ذلك نسخا في المعنى لأنهما معا يقولان ان الدليل الأول يقتضى جواز الكافرة واقتضى كون الحد ثمانين وان الدليل الثاني دل على ان الحد مائة وان الرقبة الكافرة لا تجزى وانما يختلفان في العبارة وأحدهما يعبر عن ذلك بأنه نسخ والاخر يعبر عنه بأنه تخصيص فلا طائل في ذلك فان قيل من جعله نسخا لا يقبل فيه خبر الواحد و القياس ومن جعله تخصيصا يقبل خبر الواحد فيه والقياس قيل له اما على مذهبنا فلا يقبل في الموضعين خبر الواحد ولا القياس على ما مضى القول فيه ومن أجاز خبر الواحد في التخصيص وأبى قبوله في النسخ فلخصمه ان يقول له إذا قلت لا اقبل خبر الواحد فيه لأنه نسخ ولم يرجع في ان ذلك نسخ الا إلى ما وافقتك عليه في المعنى الذي ليس بنسخ عندي فعليك ان تدل على ذلك وانه لا يجوز قبول خبر الواحد فيه فان عنيت بقولك انه نسخ من حيث لا يقبل فيه خبر الواحد والقياس كنت ثابتا (بانيا خ ر) للشئ على نفسه وذلك غير صحيح فاما من يقول ان الزيادة نسخ على كل حال فيقول فيما ثبت من الزيادة التي علم انها ليست نسخا ان ذلك اقترن بحال الخطاب فلم يوجب ذلك نسخا وذلك نحو وجوب النية في الصلاة ونحو كون الرقبة سليمة من العيوب التي تمنع من اجزائها وغير ذلك من المسائل ويقول ان الزيادة انما توجب النسخ إذا دل
(٤٢)