وهى انه إذا اطلق الامر فلو كان المراد به إلى وقت لبينه كما يجب بين الخصوص والمجمل فهو ان الامر انما يجب أن يبين ما قصد بالامر إليه وما لا يصح مع عدم بيانه إذ المأمور به من المكلف فاما ما عداه فلا يجب بيانه في الحال وقد علمنا ان المكلف متى بين صفة ما امر وأمكنه أداؤه على الوجه الذي كلفه و ان لم يبين له الوقت الذي يزول وجوب ذلك فيه ولا يصح منه أداء المأمور به بالخطاب المجمل الا بعد البيان وكذلك القول في تخصيص العموم فلذلك ساغ تأخير بيان النسخ عن أحال الخطاب وامتنع ذلك في تخصيص العام وبيان المجمل والشاهد يشهد بصحة ما قلناه ولان السيد لو امر غلامه يأخذ وظيفة له في كل يوم وفي نيته إلى غاية لم يجب ان يبينها له وان كان لابد من أن يبين له صفة الوظيفة التي امره فاخذها وهذا بين والجواب عن الشبهة السادسة وهي قولهم إذا اطلق الامر فقد أوجب اعتقاد لزوم المأمور به ابدا والعزم على فعله ابدا والنهى يقتضى كونهما قبيحين فهو ان الامر إذا أورد فإنما يجب أن يعتقد المأمور فعله ما دام مصلحة والعزم على فعله على هذا الشرط وورود النهى عن أمثاله لا يؤثر في ذلك هذا إذا كان الخطاب في حال يجوز فيها النسخ فاما بعد انقطاع الوحي فيجب أن يعتقد فعل ذلك ويعزم عليه ما دام على صفة يلزمه ففي الحالين لابد من دخول الشرط في العزم والاعتقاد وان كان في أحد الحالين مشترطا شيئين وفي الحال الأخرى بوجه واحد والجواب عن الشبهة السابعة وهي قولهم إذا اطلق الامر وغرضه إفادة المخاطب فلو لم يلزم المأمور به ابدا لبين لأنه لا يجوز أن يقصد التلبيس فإذا لم يبين علم دوامه فهو أن يقال لهم أليس الامر لم يبين الوقت الذي يزول فيه التكليف فلابد من يعم (يعمه خ ل) فيقال له أفتنسبه إلى انه ليس فان قال نعم التزم ما أراد إلزامنا وان قال لا لأنه قد دل من جهة العقل عليه في الجملة قيل له وكذلك قد دل على جواز النسخ من جهة الفعل في الجملة على انه انما يقال ليس إذا لم يبين ما يجب بيانه ويحتاج المكلف إليه فيما كلف واما إذا لم يبين ما ليس هذه حاله والمعلوم انه سيبينه في حال الحاجة فالتلبيس زائل والجواب عن الشبهة الثامنة وهي قولهم ان امره بالشئ مطلقا لو لم يمنع من النسخ لما كان موصوفا بالقدرة على ان يدلنا على تأبيد العبادة إلى وقت زوال التكليف فهو انه يصح ان يعرف ذلك بأن يضطر إلى قصد الرسول (ع) فيه كما اضطررنا إلى قصده في ان شرعه دائم وفي انه لا نبي بعده ويجوز أن يعرف ذلك بانقطاع الوحي أيضا ويعرف الرسول (ع) بأن يعرف صلاح أمته في هذا الشرع ما داموا مكلفين على انه لو لم يصح ان يعرف ذلك على التفصيل وقد عرفنا على حمله لعلمنا انه ما دام صلاحا لنا فلابد من أن يلزمنا لما اثر فيما نقوله على انا نعلم ان المأمور به لا يجوز دوام لزومه لان ماله يحسن من الله تعالى الزامه انما يقتضى انقطاعه وهو استحقاق الثواب عليه ولذلك يعلم انه انما يلزم ما دام صلاحا ولا حاجة بنا إلى علم اخر لا يفتقر التكليف إليه وهذا واضح وقد استدل الخلف على جواز النسخ بما يفعله
(٣٥)