عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٣٥
وهى انه إذا اطلق الامر فلو كان المراد به إلى وقت لبينه كما يجب بين الخصوص والمجمل فهو ان الامر انما يجب أن يبين ما قصد بالامر إليه وما لا يصح مع عدم بيانه إذ المأمور به من المكلف فاما ما عداه فلا يجب بيانه في الحال وقد علمنا ان المكلف متى بين صفة ما امر وأمكنه أداؤه على الوجه الذي كلفه و ان لم يبين له الوقت الذي يزول وجوب ذلك فيه ولا يصح منه أداء المأمور به بالخطاب المجمل الا بعد البيان وكذلك القول في تخصيص العموم فلذلك ساغ تأخير بيان النسخ عن أحال الخطاب وامتنع ذلك في تخصيص العام وبيان المجمل والشاهد يشهد بصحة ما قلناه ولان السيد لو امر غلامه يأخذ وظيفة له في كل يوم وفي نيته إلى غاية لم يجب ان يبينها له وان كان لابد من أن يبين له صفة الوظيفة التي امره فاخذها وهذا بين والجواب عن الشبهة السادسة وهي قولهم إذا اطلق الامر فقد أوجب اعتقاد لزوم المأمور به ابدا والعزم على فعله ابدا والنهى يقتضى كونهما قبيحين فهو ان الامر إذا أورد فإنما يجب أن يعتقد المأمور فعله ما دام مصلحة والعزم على فعله على هذا الشرط وورود النهى عن أمثاله لا يؤثر في ذلك هذا إذا كان الخطاب في حال يجوز فيها النسخ فاما بعد انقطاع الوحي فيجب أن يعتقد فعل ذلك ويعزم عليه ما دام على صفة يلزمه ففي الحالين لابد من دخول الشرط في العزم والاعتقاد وان كان في أحد الحالين مشترطا شيئين وفي الحال الأخرى بوجه واحد والجواب عن الشبهة السابعة وهي قولهم إذا اطلق الامر وغرضه إفادة المخاطب فلو لم يلزم المأمور به ابدا لبين لأنه لا يجوز أن يقصد التلبيس فإذا لم يبين علم دوامه فهو أن يقال لهم أليس الامر لم يبين الوقت الذي يزول فيه التكليف فلابد من يعم (يعمه خ ل) فيقال له أفتنسبه إلى انه ليس فان قال نعم التزم ما أراد إلزامنا وان قال لا لأنه قد دل من جهة العقل عليه في الجملة قيل له وكذلك قد دل على جواز النسخ من جهة الفعل في الجملة على انه انما يقال ليس إذا لم يبين ما يجب بيانه ويحتاج المكلف إليه فيما كلف واما إذا لم يبين ما ليس هذه حاله والمعلوم انه سيبينه في حال الحاجة فالتلبيس زائل والجواب عن الشبهة الثامنة وهي قولهم ان امره بالشئ مطلقا لو لم يمنع من النسخ لما كان موصوفا بالقدرة على ان يدلنا على تأبيد العبادة إلى وقت زوال التكليف فهو انه يصح ان يعرف ذلك بأن يضطر إلى قصد الرسول (ع) فيه كما اضطررنا إلى قصده في ان شرعه دائم وفي انه لا نبي بعده ويجوز أن يعرف ذلك بانقطاع الوحي أيضا ويعرف الرسول (ع) بأن يعرف صلاح أمته في هذا الشرع ما داموا مكلفين على انه لو لم يصح ان يعرف ذلك على التفصيل وقد عرفنا على حمله لعلمنا انه ما دام صلاحا لنا فلابد من أن يلزمنا لما اثر فيما نقوله على انا نعلم ان المأمور به لا يجوز دوام لزومه لان ماله يحسن من الله تعالى الزامه انما يقتضى انقطاعه وهو استحقاق الثواب عليه ولذلك يعلم انه انما يلزم ما دام صلاحا ولا حاجة بنا إلى علم اخر لا يفتقر التكليف إليه وهذا واضح وقد استدل الخلف على جواز النسخ بما يفعله
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125