عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٣٩
ما يشاء ويثبت فأخبر انه يمحو ما يشاء فيجب أن يكون امره بالشئ ثم ازالته عنه بنهي أو غيره جايزا ومنها ان الله تعالى امر إبراهيم بذبح ولده ثم نسخ عنه قبل الذبح لأنه قال يا بني اني أرى في المنام اني أذبحك فانظر ماذا ترى ثم قال بعد ذلك وناديناه ان يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فمنعه من الذبح وفداه بذبح عظيم وهذا هو نسخ الشئ قبل وقت الفعل ومنها ما روى ان الله تعالى أوجب على نبينا (ع) ليلة المعراج خمسين صلاة ثم أزالها إلى خمس قبل وقت الفعل قالوا وقد صالح النبي (ع) قريشا على رد النساء ثم نسخه قبل وقت الفعل والجواب عن الأولى انه ليس في الآية انه يثبت ما محى ويمحو ما أثبت ولا يمتنع عندنا ان يمحو غير ما أثبت ويثبت غير ما محا فأي تعلق لهم بالظاهر وليس المراد بذلك النسخ لان ظاهره لا يقتضى ذلك وقد قيل انه يمحو ما يشاء مما يثبته الملك الموكل بالعبد في الصحيفة (في المباحات) ويثبت ما يشاء مما يستحق عليه ثواب أو عقاب وقد قيل في تأويله غير ذلك مما قد بين في التفاسير والجواب عما تعلقوا به ثانيا من امر الله تعالى إبراهيم (ع) بذبح ابنه فهو انه انما امر بمقدمات الذبح من الاضجاع واخذ الحديد وشد اليد والرجل وغير ذلك وقد يسمى مقدمة الشئ باسمه كما يسمى المريض المدنف بأنه ميت فجاز أن يقول انى أرى في المنام اني أذبحك ومراده ما قلناه ويدل على صحة ذلك ما قدمناه من دليل العقل في انه لا يجوز أن يأمر بالشئ ثم ينسخه قبل وقت فعله ويدل عليه أيضا قوله قد صدقت الرؤيا فلو كان المراد به الذبح على الحقيقة لكان لا يكون مصدقا ولما ذبح فدل على أن المأمور ما قدمناه وليس لاحد أن يقول إذا كان الذبح غير مأمور به فكيف يقول للذبيح فانظر ماذا ترى وهذا كلام جزع وكيف قال ان هذا لهو البلاء المبين ومقدمة الذبح ليس فيها كل ذلك وكيف فدى بذبح عظيم وليس المأمور به الذبح و ذلك ان إبراهيم (ع) لما امر بمقدمات الذبح وكان في العادة ان مثل ذلك يراد للذبح ظن انه سيؤمر بالذبح فلذلك قال ما قال واما الفداء فلا يمتنع أن يكون ذبحا ويكون فداء عن الذي ظن انه يؤمر به من الذبح أو عن مقدمة الذبح لان الفداء لا يجب أن يكون من جنس ما فدى به الا ترى ان الهدى يفدى به حلق الرأس وان لم يكن من جنسه وقال قوم انه امر بالذبح على الحقيقة وانه كان يذبح ثم كان يلتحم ما ذبح إذا تجاوز موضع الذبح فإذا قد فعل ما امر به ولم يسقط عنه وهذا قريب والأول أقوى فاما من قال انه جعل صفحة عنقه نحاسا فامتنع الذبح عليه فلا يصح لأنه يقتضى الامر بما يمنع منه وذلك قبيح لا يجوز على الله تعالى على ما قدمنا القول فيه والجواب عما تعلقوا به ثالثا من الخبر فأول ما فيه انه خبر واحد ولا يجوز أن يتعلق بمثله فيما طريقه العلم به على انه فاسد من وجوه منها أن يوجب نسخ الشئ قبل أن يعلم المكلف انه مأمور به لأنه في الحديث انه نسخ عنهم ذلك تلك الليلة ومنها انه يوجب نسخ الشئ وعنهم من حيث أشار به
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125