هو الصحيح دون الأول وذهب قوم إلى ان ما روى عنه (ع) من قوله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ولا صلاة الا بطهور ولا نكاح الا بولي مجمل وقالوا ان حرف النفي لا يصح أن يكون داخلا على الفعل مع صحة وقوعه عاريا من هذه الشروط فيجب أن يكون داخلا على الحكم والحكم قد يكون الاجزاء وقد يكون التمام والفضل لأنه قد يقال يراد لا صلاة كاملة الا بفاتحة الكتاب كما يقال لا صلاة لجار المسجد الا في مسجده وأراد بذلك ما قلنا من نفى الفضل ولم يرد نفى الاجزاء بالاتفاق ويمكن أن يريد لا صلاة مجزية الا بفاتحة الكتاب وإذا لم يكن في اللفظ تصريح بأحديهما وجب أن تكون الآية مجملة قالوا ولا يصح حمله على المعنيين معا لان نفى التمام والفضل يقتضى حصول الاجزاء أو نفى الاجزاء يقتضى انه لم يحصل ذلك وذلك ينافي ان يراد بعبارة واحدة وذهب عبد الجبار بن احمد إلى ان ذلك ليس بمجمل وقال لان حرف النفي يدخل في الفعل الشرعي وما يقع منه مع عدم الشرط المذكور لا يكون شرعيا فكأنه (ع) قال لا صلاة شرعية الا بطهور فإذا وقعت من غير طهور لم تكن شرعية فحرف النفي قد استعمل في الحقيقة فيما دخل فيه لكن ما ذكرناه انما يصح إذا دخل حرف النفي في الفعل الشرعي فاما إذا حصل فيما عداه فيجب أن ينظر فيه فان دخل على الحكم في الحقيقة قضى بنفيه إذا لم يحصل الشرط المذكور وان دخل على الفعل والمعلوم من حاله انه يقع فعلا صحيحا مع عدم الشرط فيجب أن يكون مجاز مجملا على ما ذكروه وكذلك لا يصح التعلق بظاهر قوله (ع) انما الاعمال بالنيات لأنه إذا دخل حرف الشرط على الفعل الذي يصح وقوعه وان خلا منه فيجب أن يسند إلى غيره إذا احتج به هذه ألفاظه بعينها ذكرها في كتابه العمد وهي قريبة إلى الصواب فاما ما الحق بالعموم وهو من المجمل فنحو ما يتعلق به أصحاب الشافعي بقوله تعالى أقيموا الصلاة في وجوب الصلاة على النبي (ع) في التشهد الأخير ويقول ان ذلك دعاء وان هذه اللفظة حقيقة فيه وهذا بعيد من الصواب لان لفظة الصلاة وان كانت موضوعة للدعاء في أصل اللغة فقد صارت يعرف الشرع موضوعة لافعال مخصوصة فالتعلق بذلك فيما وضعت في أصل اللغة لا يصح لما قدمناه ومن ذلك أيضا حملهم قوله (ع) من رعف في صلاته فليتوضاء على غسل اليد وهذا أيضا لا يصح لان الوضوء صار بعرف الشرع عبارة عن غسل أعضاء مخصوصة ومسحها وانما يمكن حمل اللفظ على غسل العضو إذا علم بدليل ان الرعاف لا ينقص الوضوء فح يصرف عن ظاهره ويحمل على موجب اللغة كما يصرف ألفاظ كثيرة عن حقيقتها إلى ضرب من المجاز لقيام دليل على ذلك ومن ذلك تعلقهم بقوله تعالى ولا يتمموا (ولا تيمموا) الخبيث منه تنفقون في ان الرقبة الكافرة لا تجرى في الظهار وينبغي أن تكون مؤمنة لان الكافرة خبيثة وهذا أيضا لا يصح لان المعنى بقوله ولا تيمموا أي الخبيث لا تقصدوا إلى الانفاق من الخبيث فالقصد متعلق بالانفاق والعتق ليس من الانفاق في شئ يبين ذلك ان قوله بعد ذلك منه تنفقون كون (يدل على كون النهي عن الانفاق خ ل) المنفق منه من بعض ما وصفه بأنه خبيث وذلك لا يتأتى (ينافي خ ل) في العتق وكذلك قوله ولستم بآخذيه الا
(١٠)