عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ١٢٢
بالطعوم لا يمكن الا بعد تناولها لان الطعم ليس مما يدرك بالعين فينتفع به من هذه الجهة فإذا لابد من تناوله حتى يصح الاعتبار قيل الاعتبار يمكن بتناول القليل منه وهو قدر ما يمسك الرمق وتبقى معه الحياة وقد بينا ان ذلك القدر في حكم المباح و ليس الاعتبار موقوفا على تناول شئ كثير من ذلك ويمكن أن يقال أيضا انه يصح أن يعتبر بها إذا تناولها غير المكلف من ساير أجناس الحيوان فإنه إذا شاهد أجناس الحيوان الا يتناول تلك الأشياء ويصلح عليها أجسامها أو يفسد بحسب اختلافها واختلاف طبايعها جاز معه أن يعتبر بذلك وان لم يتناولها المكلف أصلا وبمثل هذا أجاب المخالف عمن قال بالفرق بين السموم والأغذية بان قال يرجع إلى حال الحيوان التي ليست مكلفة إذا شاهدها يتناول أشياء ينتفع بها جعلها ذلك طريقا إلى تجربته و ان ذلك ممن ينصلح عليه أيضا جسمه وذلك مثل ما أجبنا به عن السؤال الذي أوردوه في هذا الباب واستدلوا أيضا بقوله تعالى قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق وبقوله وأحل لكم الطيبات وما شاكل ذلك من الآيات وهذه الطريقة مبنية على السمع ونحن لا نمتنع ان يدل دليل السمع على ان الأشياء على الإباحة بعد ان كانت على الوقف بل عندنا الامر على ذلك واليه نذهب و على هذا سقط المعارضة بالآيات واستدل كثير من الناس على ان هذه الأشياء على الحظر أو الوقف بأن قالوا قد علمنا ان التحرز من المضار واجب في العقول إذا كان ذلك واجبا لم يحسن منا ان نقدم على تناول ما لم نأمن أن يكون سما قاتلا فيؤدى ذلك إلى العطب لأنا لا نفرق بين ما هو سم وبين ما هو غذا وانما ننتظر ذلك اعلام الله تعالى لنا ما هو غذانا والفرق بينه وبين السموم القاتلة واعترض من خالف في ذلك هذا الاستدلال بأن قال يمكننا ان نعلم ذلك بالتجربة فانا إذا شاهدنا الحيوان الذي ليس بمكلف يتناول بعض الأشياء فيصلح عليه جسمه علمنا انه غذاء وإذا تناول شيئا يفسد عليه علمنا انه مضار فحينئذ ما اعتبرنا بأحوالهما وقال من نصر هذا الدليل ان الحيوان يختلف طباعه فليس ما يصلح الحيوان المستبهم يعلم انه يصلح الحيوان الناطق لان هيهنا أشياء كثيرة تغذى كثيرا من الحيوان ويصلح عليها أجسامها و ان كان متى تناولها ابن ادم هلك منها ان الظبا يأكل شحم الحنظل ويتغذى به ولو اكل ذلك ابن ادم لهلك في الحال وكذلك النعامة تأكل النار وتحصل في معدتها ولو اكل ذلك ابن ادم لهلك في الحال وكذلك (يق) ان الفارة تأكل البيش فتعيش به ورايحة ذلك تقتل
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125