انتفائها وكل هذه أدلة على الحقيقة لأنا عولنا في نفى ما نفيناه على القول بانا لا نحتاج إلى دليل فطرق الأدلة تختلف وقد طول من تكلم في هذا الباب الكلام فيه وهذا القدر الذي لخصناه كاف فإنه يأتي على المعتمد من ذلك فاما قول من قال ليس عليه دليل كما لا بينة على المنكر فبعيد لان طريق ذلك الشرع وليس هو مما عليه دليل عقلي أو سمعي وما هذا حكمه يحكم فيه بحسب ما ورد الشرع به ويفارق ذلك المذهب على ما ذكرناه على ان المنكر لو كان لا دليل عليه لما وجب عليه اليمين كما لا يحتاج النافي إلى دليل ولا غيره على انه قد قيل ان كون الشئ في يده في حكم الدلالة ولذلك لو لم يكن في يده لكان حاله حال المدعى الاخر فقد ثبت سقوط التعلق بذلك فاما من نفى نبوة المتنبي فقد بينا ان عليه دليلا وهو ان يقول لو كان نبيا لوجب ظهور العلم على يده فلما لم يظهر علمت انه ليس بنبي وانه كاذب في دعواه وهذه الجملة التي ذكرناها يبين لنا ان النافي عليه دليل فان ذلك لا يخص حكما عقليا من حكم شرعي فيجب القضا بتساويها في ذلك فاما استصحاب الحال فصورته ما يقوله أصحاب الشافعي من ان المتيمم إذا (شرع خ ر) دخل في الصلاة ثم رأى الماء فإنه قد ثبت انه قيل (قبل) رؤية (رؤيته) للماء يجب عليه المضي في الصلاة بالاتفاق فإذا حدث روية الماء فيجب أن يكون على ما كان عليه من حكم الحال الأولى وغير ذلك من المسايل وقد اختلف العلماء في ذلك فذهب أكثر المتكلمين وكثير من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة وغيرهم إلى ان ذلك ليس بدليل وهو الذي ينصره المرتضى قدس الله روحه وذهب أكثر أصحاب الشافعي وغيرهم وهو الذي كان ينصره شيخنا أبو عبد الله إلى ان ذلك دليل ولى في ذلك نظر غير انه يمكن أن يقال في المثال الذي ذكروه أن يقال قد ثبت وجوب المضي في الصلاة قبل رؤية الماء ولم يدل دليل على ان رؤية الماء حدث ولو كان حدثا لكان عليه دليل شرعي فلما لم يكن عليه دليل دل على انه ليس بحدث ووجب حينئذ المضي في الصلاة غير ان هذا يخرج عن باب استصحاب الحال ويرجع إلى الطريقة الأولى من الاستدلال بطريقة النفي واعترض من نفى استصحاب الحال طريقة من قال به بأن قال الحالة الثانية غير الأولى بل الحالة الثانية مختلف فيها والحالة الأولى متفق عليها فكيف يحكم في أحدهما بحكم الأخرى بلا دليل ولأنه لا فرق بين من عول في ذلك على ما قالوه وبين من عول في حمل مسألة على أخرى على ان قال انها مثلها من غير أن يبين فيها علة توجب الجمع بينهما وذلك ظاهر البطلان قالوا والذي يكشف عن ذلك ان الذي لأجله قلناه في الحالة الأولى بما قلناه انما كان للاتفاق أو لدليل دل على ذلك وذلك مفقود في الحالة الثانية فيجب أن لا يكون حكمها حكم الأولى بل كان يجب
(١٢٤)