عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٦
إذا كان الفعل مما يقع به التبين كما يقع بالقول فينبغي أن يجوز وقوعه الا ترى انه لا فرق بين أن يقول صلوا صلاة أوجبها الله عليكم ثم يبين صفتها وكيفيتها بالقول وبين أن يقوم فيصلى في انه يقع في الحالين التبين على حد واحد ولو قيل ان التبيين يقع بالفعل اكد مما يقع بالقول لكان ذلك سائغا ولاجل ذلك رجعت الصحابة في بيان صفة الوضوء إلى كيفية فعل النبي صلى الله عليه وآله فمن دفع وقوع البيان بالافعال كان مبعدا فلا فرق بين قوله في ذلك وبين من دفع ثبوت الاحكام بالافعال وفي ذلك خروج عن الاجماع فان قال أليس من حق بيان الكلام أن يكون متصلا به أو في حكم المتصل به ولا يصح في الفعل مع القول فكيف يصح أن يكون بيانا له قيل له لا نسلم أن من حق البيان أن يكون متصلا بالكلام على كل حال بل يجوز عندنا ان يتأخر البيان عن حال الخطاب إذا لم يكن الوقت وقت الحاجة على ما نبينه فعلى هذا يصح ان يتأخر البيان ويقع بالفعل ومتى فرضنا ان الوقت وقت الحاجة فذلك أيضا لا يمنع من وقوع البيان بالفعل الا ترى انه لا فرق بين أن يقول صلوا إذا زالت الشمس صلاة أوجبها الله عليكم فإذا زالت الشمس بينها وبين كيفيتها وصفاتها وبين أن يقوم عند الزوال فيصلى صلاة فانا نعلم به بيان تلك الصلاة بفعله كما نعلم بقوله لو بينها به وليس يلزم من حيث كان الفعل لا يقع الا في زمان ممتد ان يمنع ذلك من وقوع البيان به كما يمنع ذلك في القول لان البيان بالقول أيضا يمتد الزمان فيه كما يقع بالقول الذي لا يمتد الزمان فيه من وجيز الكلام فليس امتداد أحدهما الا كامتداد الاخر وان كان أحدهما أكثر والاخر أقل فان قيل كيف يعلم تعلق الفعل بالمبين حتى يعلم انه بيان له مع تجويز أن يكون ذلك الفعل وقع ابتداء لا بيانا لما تقدم في هذا ارتفاع التبيين به قيل له إذا خاطب بالمجمل ولم يكن الوقت وقت الحاجة جاز أن يقول اني أبين صفة ما أوجبت عليكم بالفعل فإذا جاء وقت الحاجة فعل فعلا يمكن أن يكون بيانا له فانا نعلم بذلك بيان ما خاطبنا به أولا وان كان الوقت وقت الحاجة ففعل عقيب الخطاب فعلا يمكن أن يكون بيانا له فانا نعلم به المراد ونعلم انه متعلق به لأنه لو لم يكن متعلقا به لكان قد أخلي خطابه من بيان مع الحاجة إليه وذلك لا يصح ولهذا قلنا انه لا فرق بين أن يقول صلوا صلاة الساعة ثم يتبعها بالقول وبين أن يقوم فيصلى عقيب هذا القول صلاة فانا نعلم تلك الصلاة بيانا لما قدم القول فيه ولا فرق بين الموضعين فان قيل إذا قلتم انه لا يمتنع ان يقول لنا إذا خاطبتكم بالمجمل وفعلت بعده فعلا فاعلموا انه بيان له فقد عدتم إلى ان البيان حصل بالقول ودون الفعل قيل له ليس الامر على ذلك بل البيان لا يقع الا بالفعل
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125