وقال من نصر هذا الدليل: ان الحيوان يختلف طباعه، فليس ما يصلح الحيوان المستبهم يعلم أنه يصلح الحيوان الناطق، لان هاهنا أشياء كثيرة تغذي كثيرا من الحيوان وتصلح عليها أجسامها، وان كان متى تناولها ابن ادم هلك، منها ان الظبايا يأكل شحم الحنظل ويتغذى به، ولو اكل ذلك ابن ادم لهلك في الحال، وكذلك النعامة تأكل النار وتحصل في معدتها، ولو اكل ذلك ابن ادم لهلك في الحال، وكذلك يقال ان الفارة تأكل البيش (1) فتعيش به، ورايحة ذلك تقتل ابن ادم.
فليس طبايع الحيوان على حد واحد، وإذا لم يكن على حد واحد لم يجز أن يعتبر بأحوال غيرنا أحوال نفوسنا.
ولمن خالفهم في ذلك أن يقول: احسب انه لا يمكن أن يعتبر بأحوال الحيوان المستبهم أحوال الحيوان من البشر، أليس لو أقدم واحد منهم على طريق الخطاء أو الجهل على ما يذهبون إليه على تناول هذه الأشياء يعرف بذلك الخطاء ما هو غذا، وفرق بينه وبين السم، فينبغي أن يجوز لغيره أن يعتبر به، ويجوز له بعد ذلك التناول منها، وان لم يرد سمع، لأنه قد امن العطب والهلاك.
فالمعتمد في هذا الباب ما ذكرناه أولا في صدر هذا الباب، فهذه جملة كافية في هذا الباب إن شاء الله.