والميتة، والزنا وغير ذلك.
وليس لهم أن يقولوا: ان هذه الأشياء انما حظرها لما كانت مفسدة في الدين واعلمنا ذلك، وليس كذلك ما يصح الانتفاع به ولا يعلم ذلك فيه:
وذلك انا قد بينا انه لا فرق في أن تتعلق المصلحة باعلامنا جهة الفعل من قبح أو حسن فيجب عليه أن يعلمنا ذلك، وبين أن تتعلق المصلحة بحال لنا جوز معها كل واحد من الامرين فيجب أن يقتصر بنا على تلك الحال، لان المراعى حصول المصلحة، وإذا ثبت ذلك لحق ثبوت ما علمنا قبحه على طريق القطع والثبات في أنه لا يحسن منا الاقدام عليه.
ومنها: ان على مذهب كثير من أهل العدل انما خلق الطعوم والأراييح في والأجسام لأنها لا تصح أن تخلو منها، فجرت في هذا الباب مجرى الأكوان التي لا يصح خلو الجسم منها، وخلق الجسم إذا ثبت انه مصلحة وجب أن يخلق معه جميع ما يحتاج إليه في وجوده.
ومنها: ان الانتفاع بهذه الأشياء قد يكون بالاستدلال بها على الله تعالى وعلى صفاته، فليس الانتفاع مقصورا على التناول فحسب.
وليس لهم أن يقولوا: انه كان يمكن الاستدلال بالأجسام على وحدانية الله تعالى وعلى صفاته، فلا معنى لخلق الطعوم.
وذلك أنه لا يمتنع ان يخلقها لما ذكرناه، وان كان الجسم يصح الاستدلال به ويكون ذلك زيادة في الأدلة (1).
ولسنا ممن يقول: لا يجوز أن ينصب على معرفته أدلة كثيرة، لأنا ان قلنا ذلك أدى إلى فساد أكثر الأدلة التي يستدل بها على وحدانيته تعالى، فإذا ينبغي أن يجوز أن يخلقها للاستدلال بها وذلك يخرجها عن حكم العبث ويدخلها في باب ما خلقت للانتفاع بها.