أجسامها أو ينفسد بحسب اختلافها واختلاف طبائعها، جاز معه أن يعتبر بذلك وان لم يتناولها المكلف أصلا.
وبمثل هذا أجاب المخالف من قال بالفرق بين السموم والأغذية، بان قال:
يرجع إلى حال الحيوانات التي ليست مكلفة إذا شاهدها يتناول أشياء ينتفع بها جعلها ذلك طريقا إلى تجربته، وان ذلك ممن ينصلح عليه أيضا جسمه، وذلك مثل ما أجبنا به عن السؤال الذي أوردوه في هذا الباب.
واستدلوا أيضا: بقوله تعالى: ﴿قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق﴾ (١)، وبقوله ﴿وأحل لكم الطيبات﴾ (2)، وما شاكل ذلك من الآيات، وهذه الطريقة مبنية على السمع.
ونحن لا نمتنع ان يدل دليل السمع على أن الأشياء على الإباحة بعد أن كانت على الوقف، بل عندنا الامر على ذلك واليه نذهب، وعلى هذا سقط المعارضة بالآيات.
واستدل كثير من الناس على أن هذه الأشياء على الحظر أو الوقف، بأن قالوا:
قد علمنا أن التحرز من المضار واجب في العقول، وإذا كان ذلك واجبا لم يحسن منا ان نقدم على تناول ما لا نأمن أن يكون سما قاتلا فيؤدى ذلك إلى العطب، لأنا لا نفرق بين ما هو سم وما هو غذا، وانما ننتظر ذلك اعلام الله تعالى لنا ما هو غذاؤنا، والفرق بينه وبين السموم القاتلة واعترض من خالف في ذلك هذا الاستدلال بأن قال: يمكننا ان نعلم ذلك بالتجربة، فانا إذا شاهدنا الحيوان الذي ليس بمكلف يتناول بعض الأشياء فيصلح عليه جسمه، علمنا أنه غذاء، وإذا تناول شيئا يفسد عليه علمنا أنه مضار، فحينئذ اعتبرنا بأحوالهما.