والاعراض بان نقول: لو كانت لها صفات أكثر من ذلك لكانت لها احكام معلومة اما ضرورة أو استدلالا، فلما لم نجدها معلومة من هذين الطريقين علمنا انتفائها وكل هذه أدلة على الحقيقة، لأنا عولنا في نفى ما نفيناه على القول بانا لا نحتاج إلى دليل، فطرق الأدلة تختلف.
وقد طول من تكلم في هذا الباب الكلام فيه، وهذا القدر الذي لخصناه كاف فإنه يأتي على المعتمد من ذلك.
فاما قول من قال (1): " ليس عليه دليل، كما لا بينة على المنكر ". فبعيد، لان طريق ذلك الشرع وليس هو مما عليه دليل عقلي أو سمعي، وما هذا حكمه يحكم فيه بحسب ما ورد الشرع به ويفارق ذلك المذاهب على ما ذكرناه.
على أن المنكر لو كان لا دليل عليه لما وجب عليه اليمين، كما لا يحتاج النافي إلى دليل ولا غيره.
على أنه قد قيل: ان كون الشئ في يده حكم الدلالة، ولذلك لو لم يكن في يده لكان حاله حال المدعى الاخر، فقد ثبت سقوط التعلق بذلك.
فاما من نفى نبوة المتنبي، فقد بينا ان عليه دليلا، وهو ان يقول: لو كان نبيا: لوجب ظهور العلم على يده، فلما لم يظهر علمت أنه ليس بنبي، وانه كاذب في دعواه.
وهذه الجملة التي ذكرناها تبين لنا ان النافي عليه دليل، فان ذلك لا يخص حكما عقليا من حكم شرعي، فيجب القضاء بتساويهما في ذلك.