إلى آرائهم وأمثالها من أن يكونوا ذهبوا إليها من طرق الأدلة الموجبة للعلم، أو من جهة الاجتهاد والقياس.
ولو كان الأول: لوجب أن يكون الحق في واحد من الأقوال دون جميعها، ولوجب أن يكون ما عدا المذهب الواحد الذي هو الحق منها باطلا خطأ، ولو كان كذلك لوجب أن يقطعوا ولاية قائله، ويبرءوا منه، ويلعنوه، ولا يعظموه، الا ترى انهم في أمور كثيرة خرجوا إلى المقاتلة، ورجعوا عن التعظيم والولاية، لما لم يكن من باب الاجتهاديات، ولو كان الكل واحدا لفعلوا في جميعه فعلا واحدا.
ولو كان الامر على خلاف قولنا، لم يحسن ان يولى بعضهم بعضا مع علمه بخلافه عليه في مذهبه، كما ولى أمير المؤمنين عليه السلام شريحا مع علمه بخلافه له في كثير من الاحكام، وكما ولى أبو بكر زيدا وهو يخالف في الجد، فلولا اعتقاد المولي أن المولى محق، وان الذي يذهب إليه - وان كان مخالفا لمذهبه - صواب لم يجز ذلك، ولا جاز أيضا ان يسوغ له الفتيا ويحيل عليه بها، وقد كانوا يفعلون ذلك.
وكذلك كان يجب أن ينقض بعضهم على بعض الأحكام التي يخالفه فيها لما تمكن من ذلك، وان ينقض الواحد على نفسه ما حكم به لهم في حال ثم رجع إلى ما يخالفه في أخرى، لان كثيرا منهم قد قضى بقضايا مختلفة ولم ينقض على نفسه ما تقدم، فلولا ان الكل عندهم صواب لم يسغ ذلك!
وأيضا: فقد اختلفوا فيما لو كان خطأ لكان كبيرا، نحو اختلافهم في الفروج، والدماء، والأموال، وقضى بعضهم بإراقة الدم، وإباحة المال والفرج، فلو كان منهم من أخطأ، لم يجر ان يكون خطأه كبيرا، ويكون سبيله سبيل من ابتداء إراقة دم محرم بغير حق، وأخذ مالا عظيما بغير حق، واعطاء من لا يستحقه، وفي ذلك تفسيقه ووجوب البراءة منه.
وفي علمنا بفقد كل ذلك دليل على أنهم قالوا بالاجتهاد وان الجماعة