فيها أدلة النصوص التي تحتاج فيها إلى ضرب من الاستدلال والتأول، سواء كانت تلك النصوص على هذه نصوصا ظاهرة للكل معلومة للجميع، أو كانت مختصة، فلا يجب ان تفرضوا كلامنا في غير ما فرضناه فيه.
على انا نقول لهم: ولو كانوا اعتمدوا في ذلك على علة قياسية لوجب نقلها وظهورها، لان الدواعي إلى نقل مذاهبهم تدعو إلى نقل طرقها، وما به احتجوا، وعليه عولوا، وما نجد في ذلك رواية، فان كان فقد ما اعتمدوه من دليل النص وارتفاع روايته دليلا على أنهم قالوا بالقياس، فكذلك يجب أن يكون فقدنا لرواية عنهم تتضمن انهم قالوا بذلك قياسا دليلا على القول به من طريق النصوص!
فان قالوا الفرق بين الامرين ان القياس لا يجب اتباع العالم فيه، والنصوص يجب اتباعه، فوجب نقل النص ولا يجب مثله في القياس.
قلنا: اطلاقكم ان القياس لا يجب فيه الاتباع لا يصح على مذاهبكم، بل يجب فيه الاتباع إذا ظهر وجه القول به وامارات غلبة الظن فيه، وانما لا يجب القول به بارتفاع هذا الشرط، وعلى العالم أن يظهر وجه القول لمن خالفه ليظهر له منه ما يكون فرضه معه الانتقال عما كان عليه.
ولولا هذا ما حسنت مناظرة أصحاب القياس والاجتهاد بعضهم لبعض، ولم ينقل عن الصحابة وجه قولهم في مسألة الحرام (1) التي وقع النص من مخالفينا عليها لقوتها عندهم، ولم يرو عن أحد منهم العلة التي من اجلها جعله طلاقا ثلاثا، أو ظهارا، أو يمينا!
على أنه انما يجب على المعتقد للمذهب أن يظهر وجه قوله عند المناظرة والحاجة الداعية إليه، فاما أن يكون ظهور وجه القول كظهور القول والمذهب فغير واجب فكيف (2)، يقال ذلك ونحن نعلم أن كثيرا من الصحابة والتابعين ومن كان