على أنه يلزم على هذه العلة أن يكون في جميع التكليف ضروريا، لأنه أقوى في البيان من العلم المكتسب.
ومن يعتمد على هذه الطريقة لابد له من المناقضة، لأنه تعلق كثيرا من الاحكام في الشريعة بالظنون نحو الاجتهاد في جهة القبلة، وتقدير النفقات، وجزاء الصيد، وما أشبه ذلك، فإذا جازت العبادة بالظنون في هذه الأحكام - مع امكان ورود البيان فيها بالنص الموجب للعلم ولم يكن خارجا عن الحكمة - جاز مثله في سائر الأحكام.
فاما من نفى القياس (1) من حيث لم يأت العبادة به، ولم يقطع السمع العذر في صحته، فهو الصحيح الذي نختاره ونذهب إليه، لان القياس متى جاز في العقل ورود العبادة إذا تعلقت به مصلحة في التكليف، فلابد في جواز استعماله في الشرع من دليل سمعي، لأنه يجرى مجرى سائر الأفعال الشرعية التي إذا جاز في العقل ان تدخل في العبادة لبعض المصالح، فلابد في استعمالها من دليل سمعي.
والذي يلزمنا ان نورد ما يعتمده مثبتوه من الطرق التي ظنوا انها أدلة عليه سمعية، ونبين انها شبة وليست بأدلة ولا موجبة للتعبد به.
فاما من يذهب إلى أن العبادة وردت بما يمنع منه فهو أيضا مذهبنا، ونحن نبين في الفصل الذي يلي هذا الفصل ما عندنا فيه انشاء الله تعالى