أحدهما: يعلم (١) بالعقل، كوجوب معرفة الله تعالى، لان جهة وجوبها متقررة في العقل، وهو انا يكون عندها أقرب إلى الفعل الواجب والامتناع من القبيح، وكعلمنا أيضا بان الرسول عليه السلام لا يجوز أن يكون على أحوال تنفر عن القبول منه، نحو الفسق، والأحوال الدنية المستخفة، ومثل ما يلحقه (٢) بالمعرفة من وجوب الرئاسة لكونها لطفا، لأنه مستقر في العقل (٣) وان الناس في الجملة لا يجوز أن يكونوا مع فقد الرؤساء في باب الصلاح والفساد على ما يكونون عليه مع وجودهم.
والضرب الثاني: لا يعلم الا بالسمع لفقد الطرق إليه من جهة العقل وهو جميع الشرعيات.
والسمع الذي به يعلم وجوب ذلك قد يرد تارة بوجه الوجوب، فيعلم عنده الوجوب، وتارة يرد بالوجوب فيعلم عنده وجه الوجوب بأحد (٤) الامرين يقوم مقام الاخر في العلم بالوجوب، [الا أنه إذا ورد بوجوبه لم يعلم وجه الوجوب الا على جهة الجملة، وان ورد بوجه وجوبه مفصلا أو مجملا علمنا وجوبه مفصلا، لان العلم بوجوبه لابد فيه من التفصيل لتنزاح علة المكلف في الاقدام على الفعل.
والعلم بوجه الوجوب قد يكون] (٥) مجملا ومفصلا. ويقوم أحد الامرين مقام الاخر، فلو قال تعالى: ﴿ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر﴾ (6) ولم يوجبها لعلمنا وجوبها، ولو نص على وجوبها بلفظ الايجاب لعلمنا في الجملة انها تنهى عن قبيح أو تدعوا إلى واجب.
فاما ماله قلنا: " إذا علمنا وجوب الفعل، علمنا وجه وجوبه، وإذا علمنا وجه