فان قالوا: العقل يقتضى في كل مشتبهين (1) ان حكمهما واحد من حيث اشتبها، فوجب أن يحكم الأرز بحكم البر عقلا وان لم يأت السمع.
قيل لهم: الاشتباه الذي يقتضى المشاركة في الحكم هو فيما يعلم أن الحكم فيه يجب عن ذلك الشبه، أو يكون في حكم الموجب عنه، نحو علمنا بان ما شارك العالم في وجود العلم في قلبه يجب كونه عالما، أو ما شارك رد الوديعة في هذه الصفة كان واجبا، فاما العلل التي هي أمارات فلا يجب بالمشاركة فيها المشاركة في الحكم، لان العقل لا يعلم به كونه علة، ولو علم كونها علة لم يجب فيما شاركه فيها مثل حكمها، لان المصالح الشرعية مختلفة من حيث تعلقت بالاختيار، فلا مدخل للايجاب فيها، ولهذا جاز أن يكون الشئ في الشرع مصلحة وما هو مثله مفسدة، وجاز اختلاف الأعيان والأوقات في ذلك.
فان قيل (2): إذا حرم الله تعالى الخمرة (3) ورأيت التحريم تابعا للشدة يثبت بثبوتها ويزول بزوالها، علمت أن علة التحريم الشدة، ولا احتياج إلى السمع كما لا يحتاج إليه في العقليات (4).
قيل له: ليس يكون ما ذكرته من الاعتبار (5) بأقوى (6) من أن ينص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الخمر ان علة تحريمها هي الشدة، وقد بينا ان ذلك لا يوجب التخطي، ولا يقتضى اثبات التحريم في كل شديد الا بعد التعبد بالقياس، لأنه غير ممتنع ان يخالف (7) في المصلحة وان وافقه في الشدة، وبينا ان النص على العلة