الشرعية يجرى مجرى النص على الحكم في امتناع التخطي الا بدليل مستأنف.
فأما من زعم أن السمع قد ورد بالتعبد بالقياس (١)، فنحن نذكر قوى ما اعتمده ونتكلم على شئ منه.
أحد ما اعتمدوه قوله تعالى: ﴿فاعتبروا يا أولي الأبصار﴾ (٢).
قالوا: والاعتبار هو المقايسة، لان الميزان يسمى معيارا من حيث قيس به مساواة الشئ بغيره.
ولما روى عن ابن عباس من قوله في الأسنان: " اعتبروا حالها بالأصابع التي ديتها متساوية " (٣).
وربما استدلوا بالآية على وجه اخر فقالوا: قد دل الله تعالى بهذه الآية على أن المشاركة في العلة تقتضي المشاركة في الحكم، وذلك أنه قال: ﴿هو الذي اخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا انهم ما نعتهم حصونهم من الله فأتاهم من حيث لا يحتسبون وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار﴾ (4)، فذكر ما حل بهم، ونبه على علته وسببه ثم امر بالاعتبار، وذلك تحذير من مشاركتهم في السبب، فلو لم تكن المشاركة في السبب تقتضي المشاركة في الحكم ما كان لهذا القول معنى!
والكلام على ذلك أن يقال (5) لهم:
ما تنكرون أن يكون لفظ " الاعتبار " لا يستفاد منه الحكم بالقياس، وانما يستفاد به