وليس لهم أن يقولوا: انه قد عملوا بهذه الاخبار وعولوا في صحة الاجماع عليها في كل زمان.
فقد جرت عادتهم ألا يقبلوا ما جرى هذا المجرى ولا يعملوا به الا إذا كان قاطعا لعذرهم لأنا أولا:
لا نسلم انهم استدلوا على صحة الاجماع بهذه الاخبار، ولا يمتنع ان يكون اعتمدوا في صحة الاجماع على الآيات التي ذكرناها وان كانوا مخطئين في صحة الاستدلال بها، فمن أين انهم استدلوا بها على صحة الاجماع؟
ولو سلم انهم استدلوا، جاز أن يكونوا مخطئين في الاستدلال بها، ويكونوا اعتقدوا انها قاطعة للعذر، وان لم يكن كذلك لضرب من الشبهة دخلت عليهم.
وقولهم: انه ما جرت عادتهم فيما يجرى هذا المجرى ان يقبلوا الا الصحيح.
فلو سلمنا غاية ما يقترحونه لم يكن فيه أكثر من أن لا يستدلوا الا بما يعتقدون صحته وانه طريقه العلم، فمن أين ان ما اعتقدوه صحيح؟ وذلك لا يثبت الا بعد صحة الخبر أو غيره من الأدلة.
ولو سلم من جميع ذلك، لجاز أن يحمل الخبر على طائفة من الأمة وهم الأئمة من آل محمد عليهم السلام لان لفظة " الأمة " لا يفيد الاستغراق على ما مضى القول فيه، وذلك أولى من حيث دلت الدلالة على عصمتهم من القبايح.
وان قالوا: يجب حمله على جميع الأمة لفقد الدلالة على أن المراد بعض الأمة.
كان لغيرهم أن يقول: انا احمل الخبر على جميع الأمة من لدن النبي إلى أن تقوم الساعة من حيث إن لفظ " الأمة " يشملهم ويتناولهم، فمن أين ان اجماع كل عصر حجة؟
على أنه قد قيل إن الخبر الأول لا يمتنع أن يكون رواية سمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجزوما، ويكون المراد النهى لهم عن أن يجمعوا على خطأ، وليس من عادة أصحاب الحديث ضبط الاعراب فيما يجرى هذا المجرى، وإذا كان