ورابعها: ان المراد بالآية انه يجب الرد إلى الكتاب والسنة فيما طريقه العلم، لأنه لو كان فيما طريقة العمل وكان المنازعون مجتهدين فيما تنازعوا فيه لم يجب عليهم الرد، وانما يجب عليهم الرد على كل حال إذا كان ما اختلفوا فيه لا يسوغ الخلاف فيه.
وهذه جملة كافية في ابطال التعلق بهذه الآية.
واستدل بعضهم على صحة الاجماع بقوله: [وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون] (١).
قالوا: فأخبر الله تعالى ان فيمن خلق أمة تهدى بالحق، وهذا يؤمننا من اجتماعهم على ضلال وكفر.
والكلام على هذه الآية أيضا من وجوه:
أحدها: انه أخبر عمن خلق فيما مضى لان قوله: (خلقنا) يفيد المضي في الأزمان، فمن أين لهم ان ذلك حكمهم في المستقبل من الزمان؟
وليس لهم ان يقولوا: ان قوله: (يهدون بالحق) يفيد الاستقبال.
ذلك أن هذه اللفظة تصلح للحال والاستقبال، وإذا صلحت لذلك فلا يمتنع أن يكون أريد بها الحال، فكأنه قال: (ممن خلقنا أمة هادية بالحق عادلة به).
وثانيها: ان قوله: (أمة) يقع على الواحد وعلى جماعة، ويقع على جميع الأمة على وجه الاستغراق، الا ترى ان الله تعالى وصف إبراهيم عليه السلام بأنه كان أمة وهو واحد، وقال: ﴿ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس﴾ (2) أريد به جماعة، وإذا كان الامر على ذلك فمن أين للخصم ان المراد به جميع الأمة؟
وثالثها: انه لا يمتنع أن يكون أراد تعالى بقوله أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو من يجرى قوله مجرى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كونه حجة