تناولت هذا (1) لم تكن دلالة على مكان الخلاف بيننا وبين خصومنا في الاجماع (2).
واستدلوا أيضا بقوله تعالى: [فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول] (3).
قالوا: فأوجب علينا الرد إلى الكتاب والسنة عند التنازع، فيجب إذا ارتفع التنازع الا يجب الرد، ولا يسقط وجوب الرد إليهما الا لكونه حجة.
والكلام على هذه الآية من وجوه: أحدها: ان هذا خطاب لجماعة مواجهين بالخطاب، وليس فيها لفظ يقتضى الاستغراق لجميع الأمة، وإذا لم يكن فيها ذلك لم يكن لاحد أن يحملها على الاستغراق.
وليس لهم ان يقولوا: نحملها على الجمع لفقد الدلالة على أن المراد به الاستغراق.
وثانيها: ان أكثر ما في الآية ان تفيد ان عند وجود التنازع يجب الرد إلى الكتاب والسنة، وليس فيها ذكر ما يرتفع التنازع فيه الا من حيث دليل الخطاب الذي أكثر من خالفنا يبطله، وفرق من فرق بين تعليق الحكم بالصفة وبينه إذا علق بشرط فاسد لما بيناه فيما تقدم من هذا الكتاب.
وثالثها: ان ما يرتفع التنازع فيه لابد من أن يكون مردود إلى الكتاب والسنة، لأنهم لا يجمعون الا عن دليل، ولا يخلو ذلك الدليل من الكتاب والسنة، فكأنهم في حال وجود التنازع يجب عليهم الرد وعند ارتفاعه يكون قد ردوا، فلا فرق بين وجود التنازع وبين ارتفاعه.