الاحتجاج بالآية.
وكل ما يسأل على هذه الطعون فقد مضى الجواب عنه في الآية المتقدمة فلا وجه لتكراره واستدلوا أيضا بقوله تعالى: [فاتبع سبيل من أناب إلي] (1) قالوا: فأوجب الله تعالى اتباع سبيل من أناب إليه وهم المؤمنون، لأنهم المختصون بهذه الطريقة.
والكلام في هذه الآية كالكلام في الآية (2) المتقدمة، وأكثر ما اعترضنا به عليها فهو اعتراض على هذه الآية أيضا (3).
ومما يختص بهذه (4) الآية ان " الإنابة " حقيقتها في اللغة هي الرجوع (5) وانما يستعمل في التائب من حيث رجع عن المعصية إلى الطاعة، وليس يصح اجزاؤها على المتمسك بطريقة واحدة لم يرجع إليها من غيرها على سبيل الحقيقة، ولو استعمل فيمن ذكرناه لكان مستعملها متجوزا عند جميع أهل اللغة.
وإذا كانت حقيقة " الإنابة " في اللغة هي الرجوع لم يصح اجراء قوله تعالى:
[اتبع سبيل من أناب] (6) على جميع المؤمنين حتى يعم بها من كان متمسكا بالايمان وغير خارج عن غيره إليه، ومن رجع إلى اعتقاده وأناب إليه بعد أن كان على غيره، لأنا لو فعلنا ذلك لكنا عادلين باللفظة عن حقيقتها من غير ضرورة، فالواجب أن يكون ظاهرها متناولا للتائبين من المؤمنين الذين أنابوا إلى الايمان وفارقوا غيره، وإذا