تعالى من امره بيان للروح الذي أريد به الوحي فإنه امر بالخير أو حال منه أي حال كونه ناشئا ومبتدأ من امره أو صفة له على رأي من يجوز حذف الموصول مع بعض صلته أي الروح الكائن من امره أو متعلق بباقي ومن للسببية كالباء مثل ما في قوله تعالى مما خطيئاتهم أي يلقي الوحي بسبب امره «على من يشاء من عباده» وهو الذي اصطفاه لرسالته وتبليغ احكامه إليهم «لينذر» أي الله تعالى أو الملقي عليه أو الروح وقرئ لتنذر على ان الفاعل هو الرسول صلى الله عليه وسلم أو الروح لأنها قد تؤنث «يوم التلاق» اما ظرف للمفعول الثاني أي لينذر الناس العذاب يوم التلاق وهو يوم القيامة لأنه يتلاقى فيه الأرواح والأجسام وأهل السماوات والأرض أو هو المفعول الثاني اتساعا أو اصالة فإنه من شدة هوله وفظاعته حقيق بالانذار اصالة وقرئ لينذر على البناء للمفعول ورفع اليوم «يوم هم بارزون» بدل من يوم التلاق أي خارجون من قبورهم أو ظاهرون لا يسترهم شيء من جبل أو اكمة أو بناء لكون الأرض يومئذ قاعا صفصفا ولا عليهم ثياب انما هم عراة مكشوفون كما جاء في الحديث يحشرون عراة حفاة غرلا وقيل ظاهرة نفوسهم لا تحجبهم غواشي الأبدان أو اعمالهم وسرائرهم «لا يخفى على الله منهم شيء» استئناف لبيان بروزهم وتقرير له وإزاحة لما كان يتوهمه المتوهمون في الدنيا من الاستتار توهما باطلا أو خبر ثان وقيل حال من ضمير بارزون أي لا يخفى عليه شيء ما من أعيانهم واعمالهم وأحوالهم الجلية والخفية السابقة واللاحقة «لمن الملك اليوم لله الواحد القهار» حكاية لما يقع حينئذ من السؤال والجواب بتقدير قول معطوف على ما قبله من الجملة المنفية المستأنفة أو مستأنف يقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية بروزهم وظهور أحوالهم كأنه قيل فماذا يكون حينئذ فقيل يقال الخ أي ينادي مناد لمن الملك اليوم فيجيبه أهل المحشر لله الواحد القهار وقيل المجيب هو السائل بعينه لما روى انه يجمع الله الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد في ارض بيضاء كأنها سبيكه فضة لم يعص الله فيها قط فأول ما يتكلم به ان ينادي مناد لمن الملك اليوم لله الواحد القهار وقيل حكاية لما ينطق به لسان الحال من تقطع أسباب للتصرفات المجازية واختصاص جميع الأفاعيل بقبضة القدرة الإلهية «اليوم تجزى كل نفس بما كسبت» الخ اما من تتمة الجواب لبيان حكم اختصاص الملك به تعالى ونتيجته التي هي الحكم السوي والقضاء الحق أو حكاية لما سيقوله تعالى يومئذ عقيب السؤال والجواب أي تجزى كل نفس من النفوس البرة الفاجرة بما كسبت من خير أو شر «لا ظلم اليوم» بنقص ثواب أو زيادة عذاب «إن الله سريع الحساب» أي سريع حسابه تماما إذ لا يشغله تعالى شأن عن شأن فيحاسب الخلائق قاطبة في أقرب زمان كما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما انه تعالى إذا اخذ في حسابهم لم يقل أهل الجنة الا فيها ولا أهل النار الا فيها فيكون تعليلا لقوله تعالى اليوم تجزى الخ فإن كون ذلك اليوم بعينه يوم التلاقي ويوم البروز ربما يوهم استبعاد وقوع الكل
(٢٧١)