لو تفرد واحد منها لكفى في المنع وتقديم الظرف لتقوية الانكار للبعث بتوجيهه إلى حالة منافية له غاية المنافاة وكذا تكرير الهمزة في اثنا للمبالغة والتشديد في ذلك وكذا تحلية الجملة بأن واللام لتأكيد الانكار لا لإنكار التأكيد كما يوهمه ظاهر النظم الكريم فإن تقديم الهمزة لاقتضائها الصدارة كما في مثل قوله تعالى «أفلا تعقلون» على رأي الجمهور فإن المعنى عندهم تعقيب الانكار لا إنكار التعقيب كما هو المشهور وقرئ بطرح الهمزة الأولى وبطرح الثانية فقط «أو آباؤنا الأولون» رفع على الابتداء وخبره محذوف عند سيبويه أي وآباؤنا الأولون أيضا مبعثون وقبل عطف على محل ان واسمها وقيل على الضمير في مبعوثون للفصل بهمزة الانكار الجارية مجرى حرف النفي في قوله تعالى ما أشركنا ولا آباؤنا وأيا ما كان فمرادهم زيادة الاستبعاد بناء على انهم اقدم فبعثهم ابعد على زعمهم وقرئ أو آباؤنا «قل» تبكيتا لهم «نعم» والخطاب في قوله تعالى «وأنتم داخرون» لهم ولآبائهم بطريق التغليب والجملة حال من فاعل ما دل عليه نعم أي كلكم مبعوثون والحال أنكم صاغرون أذلاء وقرئ نعم بكسر العين وهي لغة فيه «فإنما هي زجرة واحدة» هي إما ضمير مبهم يفسره خبره أو ضمير البعثة والجملة جواب شرط مضمر أو تعليل لنهى مقدر أي إذا كان كذلك فإنما هي الخ أو لا تستصعبوه فإنما هي الخ والزجرة الصيحة من زجر الراعي غنمه إذا صاح عليها وهي النفخة الثانية «فإذا هم» قائمون من مراقدهم احياء «ينظرون» يبصرون كما كانوا أو ينتظرون ما يفعل بهم «وقالوا» أي المبعوثون وصيغة الماضي الدلالة على التحقق والتقرر «يا ويلنا» أي هلا كنا احضر فهذا أو ان حضورك وقوله تعالى «هذا يوم الدين» تعليل لدعائهم الويل بطريق الاستئناف أي اليوم الذي نجازى فيه بأعمالنا وإنما علموا ذلك لأنهم كانوا يسمعون في الدنيا انهم يبعثون ويحاسبون ويجزون بأعمالهم فلما شاهدوا البعث أيقنوا بما بعده أيضا وقوله تعالى «هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون» كلام الملائكة جوابا لهم بطريق التوبيخ والتقريع وقيل هو أيضا من كلام بعضهم لبعض والفصل القضاء أو الفرق بين فرق الهدى والضلال وقوله تعالى «احشروا الذين ظلموا» خطاب من الله عز وجل للملائكة
(١٨٧)