من واق» أي من واق يقيهم عذاب الله «ذلك» أي ما ذكر من الاخذ «بأنهم» بسبب انهم «كانت تأتيهم رسلهم بالبينات» أي بالمعجزات أو بالاحكام الظاهرة «فكفروا فأخذهم الله إنه قوي» متمكن مما يريد غابة التمكن «شديد العقاب» لا يؤبه عند عقابه بعقاب «ولقد أرسلنا موسى بآياتنا» وهي معجزاته «وسلطان مبين» أي وحجة قاهرة وهي اما عين الآيات والعطف لتغاير العنوانين واما بعض مشاهيرها كالعصا أفردت بالذكر مع اندراجها تحت الآيات لأن فيها افراد جبريل وميكال به مع دخولهما في الملائكة عليهم السلام «إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب» أي فيما أظهره من المعجزات وفيما ادعاه من رسالة رب العالمين «فلما جاءهم بالحق من عندنا» وهو ما ظهر على يده من المعجزات القاهرة «قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم» كما قال فرعون سنقتل أبناءهم ونستحي نساءهم أي أعيدوا عليهم ما كنتم تفعلونه أولا وكان فرعون قد كف عن قتل الولدان فلما بعث صلى الله عليه وسلم وأحس بأنه قد وقع ما وقع اعاده عليهم غيظا وحنقا وزعما منه انه يصدهم بذلك عن مظاهرته ظنا منهم انه المولود الذي حكم المنجمون والكهنة بذهاب ملكهم على يده «وما كيد الكافرين إلا في ضلال» أي في ضياع وبطلان لا يغني عنهم شيئا وينفذ عليهم لا محالة القدر المقدور والقضاء المحتوم واللام اما للعهد والاظهار في موقع الاضمار لذمهم بالكفر والاشعار بعلة الحكم أو للجنس وهم داخلون فيه دخولا أوليا والجملة اعتراض جيء به في تضاعيف ما حكى عنهم من الأباطيل للمسارعة إلى بيان بطلان ما أظهروه من الأبراق والارعاد واضمحلاله بالمرة «وقال فرعون ذروني أقتل موسى» كان ملؤه إذا هم بقتله عليه الصلاة والسلام وكفوه بقولهم ليس هذا بالذي تخافه فإنه أقل من ذلك واضعف وما هو الا بعض السحرة وبقولهم إذا قتلته أدخلت على الناس شبهة واعتقدوا انك عجزت عن معارضته بالحجة وعدلت إلى المقارعة بالسيف والظاهر من دهاء اللعين ونكارته انه كان قد استيقن انه نبي وان ما جاء به آيات باهرة وما هو بسحر ولكن كان يخاف ان هم بقتله ان يعاجل بالهلاك وكان قوله هذا تمويها على قومه وإيهاما انهم هم الكافون له عن قتله
(٢٧٣)