«إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا» استئناف مسوق لبيان غاية قبح الشرك وهو له أي يمسكها كراهة زوالهما أو يمنعهما ان تزولا لان الامساك منع «ولئن زالتا إن أمسكهما» أي ما أمسكهما «من أحد من بعده» من بعد امساكه تعالى أو من بعد الزوال والجملة سادة مسد الجوابين ومن الأولى مزيدة لتأكيد العموم والثانية للابتداء «إنه كان حليما غفورا» غير معاجل بالعقوبة التي تستوجبها جناياتهم حيث أمسكهما وكانتا جديرتين بأن تهدا هدا حسبما قال تعالى تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وقرئ ولو زالتا «وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم» بلغ قريشا قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أهل الكتاب كذبوا رسلهم فقالوا لعن الله اليهود والنصارى اتتهم الرسل فكذبوهم فو الله لئن اتانا رسول لنكونن اهدى من احدى الأمم اليهود والنصارى وغيرهم أو من الأمة التي يقال لها احدى الأمم تفضيلا لها على غيرها في الهدى والاستقامة «فلما جاءهم نذير» واي نذير اشرف الرسل عليهم الصلاة والسلام «ما زادهم» أي النذير أو مجيئه «إلا نفورا» تباعدا عن الحق «استكبارا في الأرض» بدل من نفورا أو مفعول له «ومكر السيء» أصله وان مكروا السيء أي المكر السيء ثم ومكرا السيء ثم ومكر السيء وقرئ بسكون الهمزة في الوصل ولعله اختلاس ظن سكوتا وقفة خفيفة وقرئ مكرا سيئا «ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون» أي ما ينتظرون «إلا سنة الأولين» أي سنة الله فيهم بتعذيب مكذبيهم «فلن تجد لسنة الله تبديلا» بأن يضع موضع العذاب غير العذاب «ولن تجد لسنة الله تحويلا» بأن ينقله من المكذبين إلى غيرهم والفاء لتعليل ما يفيده الحكم بانتظارهم العذاب من مجيئه ونفي وجدان التبديل والتحويل عبارة عن نفي وجودهما بالطريق البرهاني وتخصيص كل منهما بنفي مستقل لتأكيد انتفائهما «أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم» استشهاد على ما قبله من جريان سنته تعالى على تعذيب المكذبين بما يشاهدونه
(١٥٦)