تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ٢٧٠
يشرك به تؤمنوا» أي بالإشراك به وتسارعوا فيه وفي إيراد إذا وصيغة الماضي في الشرطية الأولى وإن وصيغة المضارع في الثانية مالا يخفى من الدلالة على كمال سوء حالهم وحيث كان حالكم كذلك «فالحكم لله» الذي لا يحكم الا بالحق ولا يقضي الا بما تقتضيه الحكمة «العلي الكبير» الذي ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في افعاله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه وقد حكم بأنه لا مغفرة للمشرك ولا نهاية لعقوبته كما لا نهاية لشناعته فلا سبيل لكم إلى الخروج ابدا «هو الذي يريكم آياته» الدالة على شؤونه العظيمة الموجبة لتفرده بالألوهية لتستدلوا بها على ذلك وتعملوا بموجبها فتوحدوه تعالى وتخصوه بالعبادة «وينزل» بالتشديد وقرئ بالتخفيف من الانزال «لكم من السماء رزقا» أي سبب رزق وهو المطر وافراده بالذكر مع كونه من جملة الآيات الدالة على كمال قدرته تعالى لنفرده بعنوان كونه من آثار رحمته وجلائل نعمته الموجبة للشكر وصيغة المضارع في الفعلين الدلالة على تجدد الإراءة والتنزيل واستمرارهما وتقديم الجار والمجرور على المفعول لما مر غير مرة «وما يتذكر» بتلك الآيات الباهرة ولا يعمل بمقتضاها «إلا من ينيب» إلى الله تعالى ويتفكر فيما أودعه في تضاعيف مصنوعاته من شواهد قدرته الكاملة ونعمته الشاملة الموجبة لتخصيص العبادة به تعالى ومن ليس كذلك فهو بمعزل من التذكر والاتعاظ «فادعوا الله مخلصين له الدين» أي إذا كان الامر كما ذكر من اختصاص التذكر بمن ينيب فاعبدوه أيها المؤمنون مخلصين له دينكم بموجب إنابتكم اليه تعالى وايمانكم به «ولو كره الكافرون» ذلك وغاظهم إخلاصكم «رفيع الدرجات» نحو بديع السماوات على انه صفة مشبهة أضيفت إلى فاعلها بعد النقل إلى فعل بالضم كما هو المشهور وتفسيره بالرافع ليكون من إضافة اسم الفاعل إلى المفعول بعيد في الاستعمال أي رفيع درجات ملائكته أي معارجهم ومصاعدهم إلى العرش «ذو العرش» أي مالكه وهما خبران آخران لقوله تعالى هو اخبر عنه بهما ايذانا بعلو شأنه تعالى وعظم سلطانه الموجبين لتخصيص العبادة به واخلاص الدين له اما بطريق الاستشهاد بهما عليهما فإن ارتفاع معارج ملائكته إلى العرش وكون العرش العظيم المحيط بأكناف العالم العلوي والسفلي تحت ملكوته وقبضة قدرته مما يقضي بكون علو شأنه وعظم سلطانه في لا غاية وراءها واما بجعلهما عبارة عنهما بطريق المجاز المتفرع على الكناية كالاستواء على العرش وتمهيدا لما يعقبهما من قوله تعالى «يلقي الروح من أمره» فإنه خبر آخر لما ذكر منبىء عن انزال الرزق الروحاني الذي هو الوحي بعد بيان انزال الرزق الجسماني الذي هو المطر أي ينزل الوحي الجاري من القلوب منزلة الروح من الأجساد وقوله
(٢٧٠)
مفاتيح البحث: الرزق (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283