بينكم أو مودودة أو نفس المودة وقرئ مودة منونة منصوبة ناصبة الظرف وقرئت بالرفع والإضافة على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هي مودودة أو نفس المودة أو سبب مودة بينكم والجملة صفة أو ثانا أو خبر إن على أن ما مصدرية أو موصولة قد حذف عائدها وهو المفعول الأول وقرئت مرفوعة منونة ومضافة بفتح بينكم كما قرئ لقد تقطع بينكم على أحد الوجهين وقرئ إنما مودة بينكم والمعنى ان اتخاذكم إياها مودة بينكم ليس إلا في الحياة وقد أجريتم أحكامه حيث فعلتم بي ما فعلتم لأجل مودتكم لها انتصارا منى كما ينبئ عنه قوله تعالى وانصروا آلهتكم «ثم يوم القيامة» تنقلب الأمور ويتبدل التواد تباغضا والتلاطف تلاعنا حيث «يكفر بعضكم» وهم العبدة «ببعض» وهم الأوثان «ويلعن بعضكم بعضا» أي يلعن كل فريق منكم ومن الأوثان حيث ينطقها الله تعالى الفريق الآخر «ومأواكم النار» أي هي منزلكم الذي تأوون اليه ولا ترجعون منه ابدا «وما لكم من ناصرين» يخلصونكم منها كما خلصني ربي من النار التي ألقيتموني فيها وجمع الناصر لوقوعه في مقابلة الجمع أي ما لاحد منكم من ناصر أصلا «فآمن له لوط» أي صدقه في جميع مقالاته لا في نبوته وما دعا اليه من التوحيد فقط فإنه كان منزها عن الكفر وما قيل انه آمن له حين رأى النار لم تحرقه ينبغي ان يحمل على ما ذكرنا أو على ان يراد بالايمان الرتبة العالية منها وهي التي لا يرتقي إليها الا هم الافراد الكمل ولوط هو ابن أخيه عليهما السلام «وقال إني مهاجر» أي من قومي «إلى ربي» إلى حيث امرني ربي «إنه هو العزيز» الغالب على امره فيمنعني من أعدائي «الحكيم» الذي لا يفعل فعلا الا وفيه حكمة ومصلحة فلا يأمرني الا بما فيه صلاحي روى انه هاجر من كوثى سواد الكوفة مع لوط وسارة ابنة عمه إلى حران ثم منها إلى الشام فنزل فلسطين ونزل لوط سدوم «ووهبنا له إسحاق ويعقوب» ولدا ونافلة حين ايس من عجوز عافر «وجعلنا في ذريته النبوة» فكثر منهم الأنبياء «والكتاب» أي جنس الكتاب المتناول للكتب الأربعة «وآتيناه أجره» بمقابلة هجرته الينا «في الدنيا» بإعطاء الولد والذرية الطيبة واستمرار النبوة فيهم وانتماء أهل الملل اليه والثناء والصلاة عليه إلى آخر الدهر «وإنه في الآخرة لمن الصالحين» أي الكاملين في الصلاح «ولوطا» منصوب اما بالعطف على نوحا أو على إبراهيم والكلام في قوله تعالى «إذ قال لقومه» كالذي مر في قصة إبراهيم عليه السلام «إنكم لتأتون الفاحشة» أي الفعلة المتناهية في القبح وقرئ أئنكم «ما سبقكم بها من أحد من العالمين» استئناف مقرر لكمال قبحها فإن اجماع جميع افراد العالمين على التحاشي عنها ليس الا لكونها مما تشمئز منه الطباع وتنفر منه النفوس
(٣٧)