بالتوبة عن الكفر والدخول في الايمان والطاعة جريا على سنن الأولياء في كظم الغيظ والترحم على الأعداء أو ليعلموا انهم كانوا على خطأ عظيم في امره وانه كان على الحق وان عداوتهم لم تكسبه الا سعادة وقرئ من المكرمين وما موصولة أو مصدرية والباء صلة يعلمون أو استفهامية وردت على الأصل والباء متعلقة بغفر أي بأي شيء غفر لي ربي يريد به تفخيم شأن المهاجرة عن ملتهم والمصابرة على أذيتهم «وما أنزلنا على قومه من بعده» من بعد قتله أو رفعه «من جند من السماء» لاهلاكهم والانتقام منهم كما فعلناه يوم بدر والخندق بل كفينا امرهم بصيحة ملك وفيه استحقار لهم لاهلاكهم وايماء إلى تفخيم شأن الرسول صلى الله عليه وسلم «وما كنا منزلين» وما صح في حكمتنا ان ننزل لاهلاك قومه جندا من السماء لما انا قدرنا لكل شيء سببا حيث أهلكنا بعض من أهلكنا من الأمم بالحاصب وبعضهم بالصيحة وبعضهم بالخسف وبعضهم بالاغراق وجعلنا انزال الجند من خصائصك في الانتصار من قومك وقيل ما موصولة معطوفة على جند أي وما كنا منزلين على من قبلهم من حجارة وريح وأمطار شديدة وغيرها «إن كانت» أي ما كانت الأخذة أو العقوبة «إلا صيحة واحدة» صاح بها جبريل عليه السلام وقرئ الا صيحة بالرفع على ان كان تامة وقرئ الا زقية واحدة من زقا الطائر إذا صاح «فإذا هم خامدون» ميتون شبهوا بالنار الخامدة رمزا إلى ان الحي كالنار الساطعة في الحركة والالتهاب والميت كالرماد كما قال لبيد * وما المرء الا كالشهاب وضوئه * يحور رمادا بعد إذ هو ساطع * يا حسرة على العباد تعالى فهذه من الأحوال التي حقها ان تحضري فيها وهي ما دل عليه قوله تعالى «وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون» فإن المستهزئين بالناصحين الذين نيطت بنصائحهم سعادة الدارين أحقاء بأن يتحسروا ويتحسر عليهم المتحسرون أو قد تلهف على حالهم الملائكة والمؤمنون من الثقلين وقد جوز ان يكون تحسرا عليهم من جهة الله تعالى بطريق الاستعارة لتعظيم ما جنوه على أنفسهم ويؤيده قراءة يا حسرتا لان المعنى يا حسرتي ونصبها لطولها بما تعلق بها من الجار وقيل بإضمار فعلها والمنادى محذوف وقرئ يا حسرة العباد بالإضافة إلى الفاعل أو المفعول ويا حسرة على العباد بإجراء الوصل مجرى الوقف «ألم يروا» أي ألم يعلموا وهو معلق عن العمل في قوله تعالى «كم أهلكنا قبلهم من القرون» لان كم لا يعمل فيها ما قبلها وان كانت خبرية لان أصلها الاستفهام خلا ان معناه نافذ في الجملة كما نفذ في قولك ألم تر ان زيدا لمنطلق وان لم يعمل في لفظه «أنهم
(١٦٥)