بعنوان النبوة بطريق الالتفات للتكرمة والايذان بأنها المناط لثبوت الحكم فيختص به صلى الله عليه وسلم حسب اختصاصها به كما ينطق به قوله تعالى «خالصة لك» أي خلص لك إحلالها خالصة أي خلوصا فإن الفاعلة في المصادر غير عزيز كالعافية والكاذبة أو خلص لك إحلال ما أحللنا لك من المذكورات على القيود المذكورة خالصة ومعنى قوله تعالى «من دون المؤمنين» على الأول ان الاحلال المذكور في المادة المعهودة غير متحقق في حقهم وإنما المتحقق هناك الاحلال بمهر المثل وعلى الثاني ان إحلال الجميع على القيود المذكورة غير متحقق في حقهم بل المتحقق فيه إحلال البعض المعدود على الوجه المعهود وقرئ خالصة بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي ذلك خلوص لك وخصوص أو هي أي تلك المرأة أو الهبة خالصة لك لا تتجاوز المؤمنين حيث لا تحل لهم بغير مهر ولا تصح الهبة بل يجب مهر المثل وقوله تعالى «قد علمنا ما فرضنا عليهم» أي على المؤمنين «في أزواجهم» أي في حقهن اعتراض مقرر لما قبله من خلوص الاحلال المذكور لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعدم تجاوزة للمؤمنين ببيان انه قد فرض عليهم من شرائط العقد وحقوقه ما لم يفرض عليه صلى الله عليه وسلم تكرمة له وتوسعة عليه أي قد علمنا ما ينبغي أن يفرض عليهم في حق أزواجهم «وما ملكت أيمانهم» وعلى أي حد واي صفة يحق ان يفرض عليهم ففرضنا ما فرضنا على ذلك الوجه وخصصناك ببعض الخصائص «لكيلا يكون عليك حرج» أي ضيق واللام متعلقة بخالصة باعتبار ما فيها من معنى ثبوت الاحلال وحصوله له صلى الله عليه وسلم لا باعتبار اختصاصه به صلى الله عليه وسلم لان مدار انتفاء الحرج هو الأول لا الثاني الذي هو عبارة عن عدم ثبوته لغيره «وكان الله غفورا» لما يعسر التحرز عنه «رحيما» ولذلك وسع الأمر في مواقع الحرج «ترجي من تشاء منهن» أي تؤخرها وتترك مضاجعتها «وتؤوي إليك من تشاء» وتضم إليك من تشاء منهن وتضاجعها أو تطلق من تشاء منهن وتمسك من تشاء وقرئ ترجئ بالهمزة والمعنى واحد «ومن ابتغيت» أي طلبت «ممن عزلت» طلقت بالرجعية «فلا جناح عليك» في شئ مما ذكر وهذه قسمة جامعة لما هو الغرض لأنه إما أن يطلق أو يمسك فإذا امسك ضاجع أو ترك وقسم أو لم يقسم وإذا طلق فإما أن يخلى المعزولة أو يبتغيها وروى أنه أرجى منهن سودة وجويرية وصفية وميمونة وأم حبيبة فكان يقسم لهن ما شاء كما شاء وكانت مما آوى اليه عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب وارجى خمسا وآوى أربعا وروى أنه كان يسوى بينهن مع ما أطلق له وخير إلا سودة فإنها وهبت ليلتها لعائشة رضى الله عنهن وقالت لا تطلقني حتى أحشر في زمرة نسائك «ذلك» أي ما ذكر من تفويض الامر إلى مشيئتك «أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن» أي أقرب إلى قرة عيونهن ورضاهن جميعا لأنه حكم كلهن فيه سواء ثم إن سويت بينهن وجدن ذلك تفضلا منك وإن رجحت بعضهن علمن
(١١٠)