بقول تعالى «بغير ما اكتسبوا» أي بغير جناية يستحقون بها الأذية بعد اطلاقه فيما قبله للايذان بأن اذى الله ورسوله لا يكون الا غير حق واما اذى هؤلاء فمنه ومنه «فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا» أي ظاهرا بينا قيل انها نزلت في منافقين كانوا يؤذون عليا رضي الله عنه ويسمعونه مالا خير فيه وقيل في أهل الافك وقال الضحاك والكلبي في زناة يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن كانوا لا يتعرضون الا للاماء ولكن ربما كان يقع منهما التعرض للحرائر أيضا جهلا أو تجاهلا لاتحاد الكل في الزي واللباس والظاهر عمومه لكل ما ذكر ولما سيأتي من أراجيف المرجفين «يا أيها النبي» بعدما بين سوء حال المؤذين زجرا لهم عن الايذاء امر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يأمر بعض المتأذنين منهم بما يدفع ايذاءهم في الجملة من الستر والتميز عن مواقع الايذاء فقيل «قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن» الجلباب ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتقي منه ما لرسله على صدرها وقيل هي الملحفة وكل ما يتستر به أي يغطين بها وجوههن وأبدانهن إذا برزن لداعية من الدواعي ومن للتبعيض لما مر من ان المعهود التلفع ببعضها وارخاء بعضها وعن السدي تغطي احدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين «ذلك» أي ما ذكر من التغطي «أدنى» أقرب «أن يعرفن» ويميزن عن الإماء والقينات اللاتي هن مواقع تعرضهم وايذائهم «فلا يؤذين» من جهة أهل الريبة بالتعرض لهن «وكان الله غفورا» لما سلف منهن من التفريط «رحيما» بعباده حيث يراعى من مصالحهم أمثال هاتيك الجزئيات «لئن لم ينته المنافقون» عما هم عليه من النفاق واحكامه الموجبة للايذاء «والذين في قلوبهم مرض» عما هم عليه من التزلزل وما يستتبعه مما لا خير فيه «والمرجفون في المدينة» من الفريقين عما هم عليه من نشر اخبار السوء عن سرايا المسلمين وغير ذلك من الأراجيف الملفقة المستتبعة للأذية واصل الارجاف التحريك من الرجفة التي هي الزلزلة وصفت به الاخبار الكاذبة لكونها متزلزلة غير ثابتة «لنغرينك بهم» لنأمرنك بقتالهم واجلائهم أو بما يضطرهم إلى الجلاء ولنحرضنك على ذلك «ثم لا يجاورونك» عطف على جواب القسم وثم الدلالة على ان الجلاء ومفارقة جوار الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم ما يصيبهم «فيها» أي في المدينة «إلا قليلا» زمانا أو جوارا قليلا ريثما يتبين حالهم من الانتهاء وعدمه «ملعونين» نصب على الشتم أو الحال على ان الاستثناء وارد عليه أيضا على رأى من يجوزه كما مر في قوله تعالى غير ناظرين إناه ولا سبيل إلى انتصابه عن قوله تعالى «أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا»
(١١٥)