تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ١٣٢
حرموها من جهة القادرين على شفاعة بعض المحتاجين إليها فلأن حرموها من جهة العجزة عنها أولى وقرئ أذن له مبنيا للمفعول «حتى إذا فزع عن قلوبهم» أي قلوب الشفعاء والمشفوع لهم من المؤمنين وأما الكفرة فهم من موقف الاستشفاع بمعزل وعن التفزيع عن قلوبهم بألف منزل والتفزيع إزالة الفزع ثم ترك ذكر الفزع وأسند الفعل إلى الجار والمجرور وحتى غاية لما ينبئ عنه ما قبلها من الإشعار بوقوع الإذن لمن أذن له فإنه مسبوق بالاستئذان المستدعى للترقب والانتظار للجواب كأنه سئل كيف يؤذن لهم فقيل يتربصون في موقف الاستئذان والاستدعاء ويتوقفون على وجل وفزع مليا حتى إذا أزيل الفزع عن قلوبهم بعد اللتيا والتي وظهرت لهم تباشيرا الإجابة قالوا أي المشفوع لهم إذ هم المحتاجون إلى الاذن والمهتمون بأمره ماذا قال ربكم أي في شأن الاذن قالوا أي الشفعاء لأنهم المباشرون للاستئذان بالذات المتوسطون بينهم وبينه عز وجل بالشفاعة الحق أي قال ربنا القول الحق وهو الاذن في الشفاعة للمستحقين لها وقرئ الحق مرفوعا أي ما قاله الحق «وهو العلي الكبير» من تمام كلام الشفعاء قالوه اعترافا بغاية عظمة جناب العزة عز وجل وقصور شأن كل من سواه أي هو المنفرد بالعلو والكبرياء ليس لاحد من اشراف الخلائق ان يتكلم الا بإذنه وقرئ فزع مخففا بمعنى فزع وقرئ فزع على البناء للفاعل وهو الله وحده وقرئ فزع بالراء المهملة والغين المعجمة أي نفي الوجل عنها وافنى من فرغ الزاد إذا لم يبق منه شيء وهو من الاسناد المجازي لان الفراغ وهو الخلو حال ظرفه عند نفاده فأسند اليه على عكس قولهم جرى النهر وعن الحسن تخفيف الراء واصله فرغ الرجل عنها أي انتفى عنها وفنى ثم حذف الفاعل واسند إلى الجار والمجرور وبه يعرف حال التفريغ وقرئ ارتفع عن قلوبهم بمعنى انكشف عنها «قل من يرزقكم من السماوات والأرض» امر صلى الله عليه وسلم بتبكيت المشركين بحملهم على الاقرار بأن آلهتهم لا يملكون مثقال ذرة فيهما وان الرازق هو الله تعالى فإنهم لا ينكرونه كما ينطق به قوله تعالى «قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر» فسيقولون الله وحيث كانوا يتلعثمون أحيانا في الجواب مخافة الالزام قيل له صلى الله عليه وسلم قل الله إذ لا جواب سواء عندهم أيضا وانا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين أي وان أحد الفريقين من الذين يوحدون المتوحد بالرزق والقدرة الذاتية ويخصونه بالعبادة والذين يشركون به في العبادة الجماد النازل في أدنى المراتب الامكانية لعلى أحد الامرين من الهدى والضلال المبين وهذا بعد ما سبق من التقرير البليغ الناطق بتعيين من هو على الهدى ومن هو في الضلال أبلغ من التصريح بذلك لجريانه على سنن الانصاف المسكت للخصم الألد وقرئ وانا أو إياكم اما على هدى أو في ضلال مبين واختلاف الجارين للايذان بأن الهادي كمن استعلى منارا ينظر الأشياء ويتطلع
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283