أن ينفعنا» فإن فيه مخايل اليمن ودلائل النجابة وذلك لما رأت فيه من العلامات المذكورة «أو نتخذه ولدا» أي نتبناه فإنه خليق بذلك «وهم لا يشعرون» حال من آل فرعون والتقدير فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا وقالت امرأته كيت وكيت وهم لا يشعرون بأنهم على خطأ عظيم فيما صنعوا من الالتقاط ورجاء النفع منه والتبني له وقوله تعالى إن فرعون الآية اعتراض وقع بين المعطوفين لتأكيد خطئهم وقيل حال من أحد ضميري نتخذه على أن الضمير للناس أي وهم لا يعلمون انه لغيرنا وقد تبنيناه «وأصبح فؤاد أم موسى فارغا» صفرا من العقل لما دهمها من الخوف والحيرة حين سمعت بوقوعه في يد فرعون لقوله تعالى وأفئدتهم هواء أي خلاء لا عقول فيها ويعضده أنه قرئ فرغا من قولهم دماؤهم بينهم فرغ أي هدر وقيل فارغا من الهم والحزن لغاية وثوقها بوعد الله تعالى أو لسماعها أن فرعون عطف عليه وتبناه وقرئ مؤسى بالهمز إجراء للضمة في جارة الواو مجرى ضمتها فهمزت كما في وجوه «إن كادت لتبدي به» أي إنها كادت لتظهر بموسى أي بأمره وقصته من فرط الحيرة والدهشة أو الفرح بتبنيه «لولا أن ربطنا على قلبها» بالصبر والثبات «لتكون من المؤمنين» أي المصدقين بوعد الله تعالى أو من الواثقين بحفظه لا بتبني فرعون وتعطفه وهو علة الربط وجواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه «وقالت لأخته» مريم والتعبير عنها بأخوته عليه الصلاة والسلام دون أن يقال لبنتها للتصريح بمدار المحبة الموجبة للامتثال بالامر «قصيه» أي اتبعي أثره وتتبعي خبره «فبصرت به» أي أبصرته «عن جنب» عن بعد وقرئ بسكون النون وعن جانب والكل بمعنى «وهم لا يشعرون» انها تقصه وتتعرف حاله أو انها أخته «وحرمنا عليه المراضع» أي منعناه ان يرتضع من المرضعات والمراضع جمع مرضع وهي المرأة التي ترضع أو مرضع وهو الرضاع أو موضعه اعني الثدي «من قبل» أي من قبل قصها أثره «فقالت» عند رؤيتها لعدم قبوله الثدي واعتناء فرعون بأمره وطلبهم من يقبل ثديها «هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم» أي لأجلكم «وهم له ناصحون» لا يقصرون في إرضاعه وتربيته روى أن هامان لما سمعه منها قال إنها لتعرفه وأهله فخذوها حتى تخبر بحاله فقالت إنما أردت وهم للملك ناصحون فأمرها فرعون بأن تأتي بمن يكفله فأتت بأمه وموسى على يد فرعون يبكي وهو يعلله فدفعه إليها فلما وجد ريحها استأنس والتقم ثديها فقال من أنت منه فقد أبى كل ثدي إلا ثديك فقالت إني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن لا أوتي بصبي إلا قبلني
(٥)