مسرف كذاب لا يهديه الله سبيل الصواب ومنهاج النجاة «يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين» غالبين عالين على بني إسرائيل «في الأرض» أي ارض مصر لا يقاومكم أحد في هذا الوقت «فمن ينصرنا من بأس الله» من اخذه وعذابه «إن جاءنا» أي فلا تفسدوا امركم ولا تتعرضوا لبأس الله بقتله فإن جاءنا لم يمنعنا منه أحد وانما نسب ما يسرهم من الملك والظهور في الأرض إليهم خاصة ونظم نفسه في سلكهم فيما يسوؤهم من مجيء بأس الله تعالى تطييبا لقلوبهم وايذانا بأنه مناصح لهم ساع في تحصيل ما يجديهم ودفع ما يرديهم سعيه في حق نفسه ليتأثروا بنصحه «قال فرعون» بعد ما سمع نصحه «ما أريكم» أي ما أشير عليكم «إلا ما أرى» واستصوبه من قتله «وما أهديكم» بهذا الرأي «إلا سبيل الرشاد» أي الصواب أولا أعلمكم الا ما اعلم ولا أسر عنكم خلاف ما أظهره ولقد كذب حيث كان مستشعرا للخوف الشديد ولكنه كان يتجلد ولولاه لما استشار أحدا ابدا وقرئ بتشديد الشين للمبالغة من رشد كعلام أو من رشد كعباد لامن أرشد كجبار من أجبر لأنه مقصور على السماع أو للنسبة إلى الرشد كعواج وبتات غير منظور فيه إلى فعل «وقال الذي آمن» مخاطبا لقومه «يا قوم إني أخاف عليكم» في تكذيبه والتعرض له بالسوء «مثل يوم الأحزاب» مثل أيام الأمم الماضية يعني وقائعهم وجمع الأحزاب مع التفسير اغنى عن جمع اليوم «مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود» أي مثل جزاء ما كانوا عليه من الكفر وايذاء الرسل «والذين من بعدهم» كقوم لوط «وما الله يريد ظلما للعباد» فلا يعاقبهم بغير ذنب ولا يخلى الظالم منهم بغير انتقام وهو أبلغ من قوله تعالى وما ربك بظلام للعبيد لما ان المنفي فيه إرادة ظلم ما ينتفي الظلم بطريق الأولوية «ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد» خوفهم بالعذاب الأخروي بعد تخويفهم بالعذاب الدنيوي ويوم التناد يوم القيامة لأنه ينادي فيه بعضهم للاستغاثة أو يتصايحون بالويل والثبور أو يتنادى أصحاب الجنة وأصحاب النار حسبما حكى في سورة الأعراف وقرئ بتشديد الدال وهو ان يند بعضهم من بعض كقوله تعالى يوم يفر المرء من أخيه وعن الضحاك إذا سمعوا زفير النار هربا فلا يأتون قطرا من الأقطار الا وجدوا ملائكة صفوفا فبينا هم بموج بعضهم في بعض إذ سمعوا مناديا اقبلوا إلى الحساب «يوم تولون مدبرين» بدل من يوم التناد أي منصرفين عن الموقف إلى النار أو فارين منها حسبما نقل آنفا
(٢٧٥)