«وجعلنا ذريته هم الباقين» فحسب حيث أهلكنا الكفرة بموجب دعائه رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا وقد روى انه مات كل من كان معه في السفينة غير أبنائه وأزواجهم أو هم الذين بقوا متناسلين إلى يوم القيامة قال قتادة الناس كلهم من ذرية نوح عليه السلام وكان له ثلاثة أولاد سام وحام ويافث فسام أبو العرب وفارس والروم وحام أبو السودان من المشرق إلى المغرب ويافث أبو الترك ويأجوج ومأجوج «وتركنا عليه في الآخرين» من الأمم «سلام على نوح» أي هذا الكلام بعينه وهو وارد على الحكاية كقولك قرأت سورة أنزلناها والمعنى يسلمون عليه تسليما ويدعون له على الدوام أمة بعد أمة وقيل ثمة قول مقدر أي فقلنا وقيل ضمن تركنا معنى قلنا وقوله تعالى «في العالمين» متعلق بالجار والمجرور ومعناه الدعاء بثبات هذه التحية واستمرارها ابدا في العالمين من الملائكة والثقلين جميعا وقوله تعالى «إنا كذلك نجزي المحسنين» تعليل لما فعل به عليه الصلاة والسلام من التكرمة السنية من إجابة دعائه أحسن إجابة وابقاء ذريته وتبقية ذكره الجميل وتسليم العالمين عليه إلى آخر الدهر بكونه من زمرة المعروفين بالاحسان الراسخين فيه وان ذلك من قبيل مجازاة الاحسان بالاحسان وذلك إشارة إلى ما ذكر من الكرامات السنية التي وقعت جزاء له عليه الصلاة والسلام وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار اليه للايذان بعلو رتبته وبعد منزلته في الفضل والشرف والكاف متعلقة بما بعدها أي مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي الكاملين في الاحسان لاجزاء أدنى منه وقوله تعالى «إنه من عبادنا المؤمنين» تعليل لكونه من المحسنين بخلوص عبوديته وكمال ايمانه وفيه من الدلالة على جلالة قدرهما مالا يخفي «ثم أغرقنا الآخرين» أي المغايرين لنوح وأهله وهم كفار وقومه أجمعين «وإن من شيعته» أي ممن شايعه في أصول الدين «لإبراهيم» وان اختلفت فروع شرائعهما ويجوز ان يكون بين شريعتيهما اتفاق كلي أو أكثرى وعن ابن عباس رضي الله عنهما من أهل دينه وعلى سنته أو ممن شايعه على التصلب في دين الله ومصابرة المكذبين وما
(١٩٦)