الوجوب وجب على الكفرة المهلكة كونهم من أصحاب النار أي كما وجب إهلاكهم في الدنيا بعذاب الاستئصال كذلك وجب تعذيبهم بعذاب النار في الآخرة ومحل الكاف على التقديرين النصب على انه نعت لمصدر محذوف «الذين يحملون العرش ومن حوله» وهم أعلى طبقات الملائكة عليهم السلام وأولهم وجودا وحملهم إياه وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له وكناية عن زلفاهم من ذي العرش جل جلاله ومكانتهم عنده ومحل الموصول الرفع عل الابتداء خبره «يسبحون بحمد ربهم» والجملة استئناف مسوق لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيان أن أشراف الملائكة عليهم السلام مثابرون على ولاية من معه من المؤمنين ونصرتهم واستدعاء ما يسعدهم في الدارين أي ينزهونه تعالى عن كل ما لا يليق بشأنه الجليل ملتبسين بحمده على نعمائه التي لا تتناهى «ويؤمنون به» إيمانا حقيقا بحالهم والتصريح به مع الغنى عن ذكره رأسا لإظهار فضيلة الايمان وإبراز شرف أهله والاشعار بعلة دعائهم للمؤمنين حسبما ينطق به قوله تعالى «ويستغفرون للذين آمنوا» فإن المشاركة في الايمان أقوى المناسبات وأتمها وأدعى الدواعي إلى النصح والشفقة وفي نظم استغفارهم لهم في سلك وظائفهم المفروضة عليهم من تسبيحهم وتحميدهم وإيمانهم إيذان بكمال اعتنائهم به وإشعار بوقوعه عند الله تعالى في موقع القبول روى أن حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورءوسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وعن النبي صلى الله عليه وسلم لا تتفكروا في عظم ربكم ولكن تفكروا فيما خلق الله من الملائكة فإن خلقا من الملائكة يقال له إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله وقدماه في الأرض السفلى وقد مرق رأسه من سبع سماوات وإنه ليتضاءل من عظمة الله حتى يصير كأنه الوصع وفي الحديث أن الله أمر جميع الملائكة أن يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة العرش تفضيلا لهم على سائرهم وقيل خلق الله تعالى العرش من جوهرة خضراء وبين القائمتين من قوائمه خفقان الطير المسرع ثمانين ألف عام وقيل حول العرش سبعون الف صف من الملائكة يطوفون به مهللين مكبرين ومن ورائهم سبعون الف صف قيام قد وضعوا أيديهم على عواتقهم رافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير ومن ورائهم مائة الف صف قد وضعوا أيمانهم على الشمائل ما منهم أحد إلا وهو يسبح بما لا يسبح به الآخر «ربنا» على إرادة القول أي يقولون ربنا على أنه إما بيان لاستغفارهم أو حال «وسعت كل شيء رحمة وعلما» أي وسعت رحمتك وعلمك فأزيل عن أصله للإغراق في وصفه تعالى بالرحمة والعلم والمبالغة في عمومهما وتقديم الرحمة لأنها المقصودة بالذات ههنا والفاء في قوله تعالى «فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك» أي للذين علمت منهم التوبة واتباع سبيل الحق لترتيب الدعاء على ما قبلها من سعة الرحمة والعلم «وقهم عذاب الجحيم» واحفظهم عنه وهو تصريح بعد إشعار للتأكيد
(٢٦٧)