مكية وهي ثلاثون آية وقيل تسع وعشرون «بسم الله الرحمن الرحيم» «ألم» اما اسم للسورة فمحله الرفع على انه خبر لمبتدأ محذوف أي هذا مسمى ب ألم والإشارة إليها قبل جريان ذكرها قد عرفت سرها واما مسرود على نمط التعديد فلا محل له من الاعراب وقوله تعالى «تنزيل الكتاب» على الأول خبر بعد خبر على انه مصدر اطلق على المفعول مبالغة وعلى الثاني خبر لمبتدأ محذوف أي المؤلف من جنس ما ذكر تنزيل الكتاب وقيل خبرا ألم أي المسمى به تنزيل الكتاب وقد مر مرارا ان ما يجعل عنوانا للموضوع حقه ان يكون قبل ذلك معلوم الانتساب اليه وإذ لا عهد بالتسمية قبل فحقها الاخبار بها وقوله تعالى «لا ريب فيه» خبر ثالث على الوجه الأول وثان على الأخيرين وقيل خبر لتنزيل الكتاب فقوله تعالى «من رب العالمين» متعلق بمضمر هو حال من الضمير المجرور أي كائنا منه تعالى لا بتنزيل لان المصدر لا يعمل فيما بعد الخبر والأوجه حينئذ انه الخبر ولا ريب فيه حال من الكتاب أو اعتراض والضمير في فيه راجع إلى مضمون الجملة كأنه قيل لا ريب في ذلك أي في كونه منزلا من رب العالمين ويؤيده قوله تعالى «أم يقولون افتراه» فإن قولهم هذا انكار منهم لكونه من رب العالمين فلا بد ان يكون مورده حكما مقصود الإفادة لا قيدا للحكم بنفي الريب عنه وقد رد عليهم ذلك وأبطل حيث جئ بأم المنقطعة انكارا له وتعجيبا منه لغاية ظهور بطلانه واستحالة كونه مفترى ثم اضرب عنه إلى بيان حقية ما أنكروه حيث قيل «بل هو الحق من ربك» بإضافة اسم الرب إلى ضميره صلى الله عليه وسلم بعد اضافته فيما سبق إلى العالمين تشريفا له صلى الله عليه وسلم ثم أيد ذلك ببيان غايته حيث قيل «لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون» فإن بيان غاية الشيء وحكمته لا سيما عند كونها غاية حميدة مستتبعة لمنافع جليلة في وقت شدة الحاجة إليها مما يقرر وجود الشيء ويؤكده لا محالة ولقد كانت قريش أضل الناس وأحوجهم إلى الهداية بإرسال الرسول وتنزيل الكتاب حيث لم يبعث إليهم
(٧٩)