لأجلكم فإن جميع ما في السماوات والأرض من الكائنات مسخر لله تعالى مستتبعة لمنافع الخلق وما يستعمله الانسان حسبما يشاء وان كان مسخرا له بحسب الظاهر فهو في الحقيقة مسخر لله تعالى «وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة» محسوسة ومعقولة معروفة لكم وغير معروفة وقد مر شرح النعمة وتفصيلها في الفاتحة وقرئ أصيغ بالصاد وهو جار في كل سين قارنت الغين أو الخاء أو القاف كما تقول في سلخ صلخ وفي سقر صقر وفي سالغ صالغ وقرئ نعمة «ومن الناس من يجادل في الله» في توحيده وصفاته «بغير علم» مستفادة من دليل «ولا هدى» من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم «ولا كتاب منير» أنزله الله سبحانه بل بمجرد التقليد «وإذا قيل لهم» أي لمن يجادل والجمع باعتبار المعنى «اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا» يريدون به عبادة الأصنام «أولو كان الشيطان يدعوهم» أي آباءهم لا أنفسهم كما قيل فإن مدار انكار الاتباع واستبعاده كون المتبوعين تابعين للشيطان لا كون أنفسهم كذلك أي أيتبعونهم ولو كان الشيطان يدعوهم فيما هم عليه من الشرك «إلى عذاب السعير» فهم متوجهون اليه حسب دعوته والجملة في حيز النصب على الحالية وقد مر تحقيقه في قوله تعالى أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون من سورة البقرة بما لا مزيد عليه «ومن يسلم وجهه إلى الله» بأن فوض اليه مجامع أموره واقبل عليه بكليته وحيث عدى باللام قصد معنى الاختصاص وقرئ بالتشديد «وهو محسن» أي في اعماله آت بها جامعة بين الحسن الذاتي والوصفي وقد مر في آخر سورة النحل «فقد استمسك بالعروة الوثقى» أي تعلق بأوثق ما يتعلق به من الأسباب وهو تمثيل لحال المتوكل المشتغل بالطاعة بحال من أراد ان يترقى إلى شاهق جبل فتمسك بأوثق عرى الحبل المتدلي منه «وإلى الله» لا إلى أحد غيره «عاقبة الأمور» فيجازيه أحسن الجزاء «ومن كفر فلا يحزنك كفره» فإنه لا يضرك في الدنيا ولا في الآخرة وقرئ فلا يحزنك من أحزن المنقول من حزن بكسر الزاي وليس بمستفيض «إلينا مرجعهم» لا إلى غيرنا «فننبئهم بما عملوا» في الدنيا من الكفر والمعاصي بالعذاب والعقاب والجمع في الضمائر الثلاثة باعتبار معنى من كما ان الافراد في الأول باعتبار لفظها «إن الله عليم بذات الصدور» تعليل للتنبئة المعبر بها عن التعذيب «نمتعهم قليلا» تمتيعا أو زمانا قليلا فإن ما يزول وان كان بعد أمد
(٧٤)