أي أو يصيبكم بسوء ان أراد بكم رحمة فاختصر الكلام أو حمل الثاني على الأول لما في العصمة من معنى المنع «ولا يجدون لهم من دون الله وليا» ينفعهم «ولا نصيرا» يدفع عنهم الضرر «قد يعلم الله المعوقين منكم» أي المثبطين للناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم المنافقون «والقائلين لإخوانهم» من منافقي المدينة «هلم إلينا» وهو صوت سمي به فعل متعد نحوا أحضر أو قرب ويستوي فيه الواحد والجماعة على لغة أهل الحجاز واما بنو تميم فيقولون هلم يا رجل وهلموا يا رجال أي قربوا أنفسكم الينا وهذا يدل على انهم عند هذا القول خارجون من المعسكر متوجهون نحو المدينة «ولا يأتون البأس» أي الحراب والقتال «إلا قليلا» أي اتيانا أو زمانا أو بأسا قليلا فإنهم يعتذرون ويثبطون ما أمكن لهم ويخرجون مع المؤمنين يوهمونهم انهم معهم ولا تراهم يبارزون ويقاتلون الا شيئا قليلا إذا اضطروا اليه كقوله تعالى ما قاتلوا الا قليلا وقيل انه من تتمة كلامهم معناه ولا يأتي أصحاب محمد حرب الأحزاب ولا يقاومونهم الا قليلا «أشحة عليكم» أي بخلاء عليكم بالمعاونة أو النفقة في سبيل الله أو الظفر والغنيمة جمع شحيح ونصبه على الحالية من فاعل يأنون أو من المعوقين أو على الذم «فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم» في أحداقهم «كالذي يغشى عليه من الموت» صفة لمصدر ينظرون أو حال من فاعله أو لمصدر تدور أو حال من أعينهم أي ينظرون نظرا كائنا كنظر المغشى عليه من معالجة سكرات الموت حذرا وخورا ولو إذا بك أو ينظرون كائنين كالذي الخ أو تدور أعينهم دورانا كائنا كدوران عينه أو تدور أعينهم كائنة كعينه «فإذا ذهب الخوف» وحيزت الغنائم «سلقوكم» ضربوكم «بألسنة حداد» وقالوا وفروا قسمتنا فإنا قد شاهدناكم وقاتلنا معكم وبمكاننا غلبتم عدوكم وبنا نصرتم عليه والسلق البسط بقهر باليد أو باللسان وقرئ صلقوكم «أشحة على الخير» نصب على الحالية أو الذم ويؤيده القراءة بالرفع «أولئك» الموصوفون بما ذكر من صفات السوء «لم يؤمنوا» بالاخلاص «فأحبط الله أعمالهم» أي اظهر بطلانها إذ لم يثبت لهم اعمال فتبطل أو أبطل تصنعهم ونفاقهم فلم يبق مستتبعا لمنفعة دنيوية أصلا «وكان ذلك» الاحباط «على الله يسيرا» هينا وتخصيص يسره بالذكر مع ان كل شيء عليه تعالى يسير لبيان ان اعمالهم حقيقة بأن يظهر حبوطها لكمال تعاضد الدواعي وعدم الصوارف بالكلية «يحسبون الأحزاب لم يذهبوا» أي هؤلاء
(٩٦)