سورة سبأ مكية وقيل الا ويرى الذين أوتوا العلم الآية وهي اربع وخمسون آية «بسم الله الرحمن الرحيم» «الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض» أي له تعالى خلقا وملكا وتصرفا بالايجاد والاعدام والاحياء والأمانة جميع ما وجد فيهما داخلا في حقيقتهما أو خارجا عنهما متمكنا فيهما فكأنه قيل له جميع المخلوقات كما مر في آية الكرسي ووصفه تعالى بذلك لتقرير ما افاده تعليق الحمد المعرف بلام الحقيقة بالاسم الجليل من اختصاص جميع افراده به تعالى على ما بين في فاتحة الكتاب ببيان تفرده تعالى واستقلاله بما يوجب ذلك وكون كل ما سواه من الموجودات التي من جملتها الانسان تحت ملكوته تعالى ليس لها في حد ذاتها استحقاق الوجود فضلا عما عداه من صفاتها بل كل ذلك نعم فائضة عليها من جهته عز وجل فما هذا شانه فهو بمعزل من استحقاق الحمد الذي مداره الجميل الصادر عن القادر بالاختيار فظهر اختصاص جميع افراده به تعالى وقوله تعالى «وله الحمد في الآخرة» بيان لاختصاص الحمد الأخروي به تعالى إثر بيان اختصاص الدنيوي به على أن الجار متعلق إما بنفس الحمد أو بما تعلق به الخبر من الاستقرار وإطلاقه عن ذكر ما يشعر بالمحمود عليه ليس للاكتفاء بذكر كونه في الآخرة عن التعيين كما اكتفى فيما سبق بذكر كون المحمود عليه في الدنيا عن ذكر كون الحمد أيضا فيها بل ليعم النعم الأخروية كما في قوله تعالى الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة وقوله تعالى الذي أحلنا دار المقامة من فضله الآية وما يكون ذريعة إلى نيلها من النعم الدنيوية كما في قوله تعالى الحمد لله الذي هدانا لهذا أي لما جزاؤه هذا من الايمان والعمل الصالح والفرق بين الحمدين مع كون نعمتي الدنيا والآخرة بطريق التفضل أن الأول على نهج العبادة والثاني على وجه التلذذ والاغتباط وقد ورد في الخبر أنهم يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس «وهو الحكيم» الذي أحكم أمور الدين والدنيا ودبرها حسبما تقتضيه الحكمة «الخبير» ببواطن الأشياء ومكنوناتها وقوله تعالى «يعلم ما يلج
(١٢٠)